الأصل المطابق لتلك الغلبة الشخصية سليما عن المعارض، فيكون واجب العمل، لوجود مناط الاعتبار فيه، وهو الغلبة الغير المزاحمة بأقوى منها، فحينئذ نحن نعكس الأمر ونقول: إن المتيقن حينئذ اعتبار الأصل المطابق لتلك الغلبة الشخصية لوجود مناط الاعتبار فيه، فنطالب السيد المذكور بدليل اعتبار الأصل الآخر حتى يصح معارضته لهذا الأصل.
والحاصل أنا لا نقول بحجية تلك الغلبة الشخصية، حتى يطالبنا أحد بالدليل، بل نقول بحجية الأصل المطابق لها، لوجود مناط اعتبارها، فعلى السيد إثبات اعتبار الأصل الآخر أو إثبات حجية الغلبة النوعية في مجراه، وأنى له بإثبات شيء منهما.
هذا، ثم احتج المحقق القمي () (قدس سره) على وجوب الأخذ بالغلبة المذكورة بالإجماع على ما يستفاد منه، وبدليل الانسداد، ويظهر ذلك من قوله: خصوصا عند من يجعل الأصل العمل بالظن، وبالاستقراء الكاشف عن اعتبار الغلبة عند الشارع مطلقا.
أقول: الإجماع العملي من العلماء السابقين لا يبعد دعواه.
وأما الاستدلال بدليل الانسداد، فلا وجه له، إذ عليه يدور العمل مدار الظن الفعلي فإن وجد في أحد الطرفين، فهو المتعين، وإلا، فالحكم التساقط، ولا معنى لملاحظة التعارض حينئذ، إلا على مذهب بعض، حيث أجرى الدليل المذكور بالنسبة إلى الظن النوعي أيضا، وتمسك به على حجية الظن النوعي، وأما اعتبار الغلبة خصوصا عند الشارع، وخصوصا اعتباره عنده مطلقا، لا دليل عليه. والاستقراء الذي ادعاه (قدس سره) لم نظفر عليه.
أقول: الإنصاف عدم جواز التعويل على الغلبة بمجردها ما لم يجعل اللفظ من الظواهر العرفية - ولو نوعا - في المعنى المطابق لها، أما عدم جواز التعويل في غير الصورة المذكورة، فلعدم الدليل عليه، لعدم ثبوت ما ذكر من الإجماعين بإطلاقهما، بحيث يدخل فيهما محل النزاع، وأما اعتبارها في الصورة المفروضة، لا لكونها غلبة، بل لأجل أن الظن الحاصل بسببها من اللفظ ظن لفظي، وقع الإجماع على العمل به.
تذنيب: ينبغي التنبيه على أمور غير مذكورة في كلمات القوم:
الأول:
إن ما ذكرنا من المرجحات المذكورة في المرحلة السابقة إنما هي