وكيف كان، فيكفينا أصالة عدم الحجية، وعلى مدعيها الدليل، ولم يعلم بعد هذا.
وأما الجواب عن ابن جني: فبأنه إن كان مراده غلبة المعاني المجازية على الحقيقة، ولو كانت تقديرية لم يستعمل اللفظ فيها، فمسلم لكنها لا تجدي، لأن الكلام في المعاني المستعمل فيها اللفظ، لا المعاني بما هي معان، وإن كان المراد غلبة المجاز على الحقيقة في موارد الاستعمال، فممنوع، سيما مع ملاحظة ما ادعاه عليه من غلبة العكس.
وكيف كان، فالغلبتان اللتان ذكرهما السيد وابن جني لم يتحقق لنا شيء منهما، وهو يكفينا في منع كليهما، ومع تسليم شيء منهما نمنع الكبرى كما مر.
وأما الجواب عن المفصل المذكور فبأنه إذا ثبت في متحد المعنى كون الاستعمال دليلا على الوضع، فأصالة عدم الاشتراك لا تعارضه في متعددة، لأنها أصل وهو دليل، فهو وارد عليها، فلا معنى للتوقف حينئذ.
اللهم إلا أن يكون مذهبه في اعتبار الأصول والأمارات كون جميعها معتبرة من باب إفادة الظن، من غير فرق بين الأمارة والأصل، وإنكار اعتبار الأصول من باب التعبد، ولو بالتعبد العقلائي فيستوي حينئذ ظاهر الاستعمال وأصالة عدم الاشتراك فتكون مخالفة المفصل حينئذ راجعة إلى المخالفة في مسألة أخرى غير ما نحن فيه.
تذنيب:
اعلم أن ظهور الثمرة في الخلاف في مسألة الاستعمال بالنسبة إلى متحد المعنى واضح، إذ على قول السيد، وكذا على قول المفصل المذكور يحمل اللفظ في الاستعمالات المتأخرة العارية عن القرينة على المعنى الذي استعمل فيه أولا، وعلى قول الشيخ كما هو المختار لا، بل يصير مجملا، فيرجع إلى الأصول حسبما يقتضيه المقام. وأما في متعدده، فقيل إنه لا ثمرة في الخلاف حينئذ، لأن الاستعمالات المتأخرة العارية عن القرينة يصير اللفظ فيها مجملا على جميع الأقوال، أما على قول السيد فللإشتراك، وأما على قول الشيخ والمفصل فلعدم إحراز الحقيقة حينئذ ليحمل اللفظ عليها في الاستعمالات الآتية العارية عن القرينة، وأما على قول ابن جني فلتعدد المجاز، فيصير حال اللفظ حينئذ نظير الحال فيه على قول السيد.
وفيه ما لا يخفى لأنه لا تنحصر الثمرة في تعيين المراد تفصيلا، حتى يقال بعدم