تنصيص بالمشتركات حيث أن المتبادر منها جميع المعاني دفعة، فيصدق على كل واحد أنه تبادر غيره إذا كان معنى التبادر انتقال الذهن أو حضور المعنى.
اللهم إلا أن يجعل بمعنى التقدم، فيرتفع الإشكال، إذ المفروض حضور جميع المعاني دفعة، فلا يصدق حينئذ على كل واحد أنه سبق عليه غيره، إلا أنه لا بد حينئذ من التصرف في الغير في علامة التبادر بجعله عبارة عن غير الموضوع لا مطلق الغير، وإلا لما صدق على كل واحد من معاني المشترك أنه سبق على غيره بقول مطلق، فافهم.
ثم إن الآمدي قد أورد في الأحكام () على طرد ما صار إليه العضدي من علامة الوضع بمجازات المشترك لصدقها عليها، مع أنها ليست بحقائق فيلزم تخلف العلامة عن معلومها، إذ لا ريب أن معاني المشترك لا تتبادر من اللفظ، فيصدق على مجازيته أنها لا يتبادر غيرها.
وأجاب عنه في المنية: بمنع عدم تبادر معاني المشترك أصلا، بل يتبادر منه أحد المعاني عند الإطلاق، فلا يصدق على مجازيته أنها لا يتبادر غيرها (1).
وفيه أن هذا التزام بوضع المشترك للقدر المشترك بين معانيه المتفاوتة، فيكون مشككا، لا مشتركا وهو خلاف الفرض.
والتحقيق في الجواب: أنه لا يخفى أن دلالات الألفاظ إنما هي بسبب الوضع وهو سبب لها، فإذا فرض تعلقه بمعان متعددة، كما في المشترك، فيتبادر منه عند الإطلاق جميع تلك المعاني، إلا أن الإرادة، لما لم تتعلق إلا بواحد منها بناء على عدم جواز استعماله في أكثر من معنى، فيكون مورد تلك الإرادة وهو المعنى المراد مجملا ، وإلا