وفعليته، ولو مع غلطية استعماله أو المجازية فيه من حيث التلبس لكن الاستعمال على وجه الغلط، لما لم يكن محلا للغرض، فلا بد من فرضه صحيحا.
والحاصل أنه بعد فرض استعمال المشتق على قانون الاشتقاق - بأن يكون المراد بالمبدأ فيه معنى مناسبا لمعنى المبدأ مجردا، ولو مجازيا بالنسبة إليه على القول بكفايته أو خصوص معناه الحقيقي على القول باعتباره، بعد فرض تلبس الذات المحكوم عليها بالمشتق بالمبدأ، ولو مع توسع في التلبس، إذ غايته لزوم المجازية من تلك الجهة، لا من جهة ما نحن فيه - نتكلم في أنه هل يشترط بقاء المبدأ في الذات المطلق عليها المشتق بالنسبة إلى حال إرادة صدقه عليها - أي تلبسها به - حينئذ بمعناه الذي اعتبر ثبوته للذات في الأفعال، وبالتلبس الذي اعتبر هناك؟ وإلى هذا أشرنا فيما تقدم على وجه كان مصححا للاشتقاق وموجبا لجواز الإطلاق في سائر الصيغ.
ثم إن تحقيق الحال في الخلاف المذكور أيضا، وإن كان له مقام آخر، إلا أن الحق كفاية قيام المبدأ بالذات بمعناه المجازي في صحة الاشتقاق، لأن أدل الدليل على جواز الشيء وقوعه، وقد وقع ذلك في موارد لا تحصى، مضافا إلى عدم ظهور الخلاف فيه من أحد.
منها: الأوصاف الموضوعة للحرف والصنائع، كالخياط والنساج، والصباغ، وغيرها، إذ لا ريب أن أصل المبدأ فيها موضوع لفعل النسج والخياطة والصباغة، مع أن المراد به في ضمن تلك الصيغ صنعتها.
ومنها: الأوصاف الموضوعة للملكات كالفقيه والمتكلم ونحوهما، فان المبدأ فيهما لنفس العلم الفعلي، أو التكلم كذلك، مع أن المراد به في ضمنهما هو ملكتهما لا غير.
هذا تمام الكلام في تحرير محل النزاع في المقام. فإذا عرفت ذلك، فاعلم أنهم اختلفوا في كون المشتقات من الصفات حقيقة في خصوص الحال، أو في الأعم منه، الشامل للماضي أيضا، على أقوال، يأتي تفصيلها، بعد اتفاقهم ظاهرا على مجازيته في الاستقبال، عدا ما حكي عن ظاهر الكوكب الدري (1) من احتمال كونها حقيقة في الاستقبال أيضا، لذكره على ما حكي عنه أن إطلاق النحاة يقتضي أنه إطلاق حقيقي.