بقي الكلام في الفرق والثمرة بين الصحيح والأعم:
فنقول: إن بينهما فرقا موضوعيا وفرق حكميا.
أما الفرق الموضوعي ففي استلزام القول بالصحيح لإجمال اللفظ، واقتضاء القول بالأعم لبيانه وإطلاقه، ما لم يطرأ عليه الإجمال العرضي، كالتقييد بالمجمل، أو ورود الإطلاق مورد حكم آخر، أو نحو ذلك مما يسقط اعتبار إطلاق اللفظ ويلحقه بالمجمل في الحكم.
وأما الفرق الحكمي بينهما، فيظهر في المشكوك جزئيته وشرطيته، حيث أن كل من قولي الصحيح والأعم يستلزم وجوب الإتيان به على وجه، وعدم وجوب الإتيان به على وجه آخر.
وتفصيل ذلك أن يقال: أما القول بالصحيح فيستلزم وجوب الإتيان به من باب الاحتياط، بناء على رجوع مسألة الشك في الشرطية والجزئية إلى مسألة الشك في المصداق والمكلف به، وعدم وجوب الإتيان به لأصالة البراءة، بناء على رجوعه إلى مسألة الشك في التكليف، كما هو المشهور المنصور.
وأما ما صدر عن صاحب الهداية () وغيره، من ترتب الاحتياط على القول بالصحيح مطلقا فمبني اما على مختاره، أو مختار من أخذ ذلك منه على وجه الاقتباس، من رجوع الشك في الشرطية والجزئية إلى الشك في المصداق لا المفهوم.
ولنا على تزييف مبناهم المذكور، أن المعيار المائز بين الشك في المصداق والمفهوم، كون الشك في المصداق ناشئا عن عروض الأمور الخارجية، كالظلمة ونحوها وفي المفهوم ناشئا عن الجهل بالمراد من اللفظ، ومن البين أن الشك في الشرطية والجزئية على القول بالصحيح ناشئ عن الجهل بالمراد، لا عن الأمور الخارجية، كالظلمة ونحوها حتى يكون من قبيل الشك في المصداق.
وأما القول بالأعم، فلا يستلزم وجوب الإتيان بالمشكوك جزئيته أو