المنضم إلى إحدى الإشارتين المذكورتين، كما يؤيده كثرة تكرر الأمر بالعبادة في الكتاب والسنة، وكثرة طرو التقييدات عليه بعد مجلس الإطلاق.
ومن جملة الموانع المدعاة ما قد يقال: من أن العلم الإجمالي بأن المراد من الصلاة، ونحوها من مطلقات الكتاب والسنة شيء معين عند المتكلم يوجب إجمال المطلق، فلم يبق مسرح للتمسك بإطلاقها.
ولك أن تجيب عنه أولا: بالنقض بأن المراد من جميع الألفاظ الصادرة عن المتكلم شيء معين عنده من المعاني الحقيقية والمجازية.
وثانيا: بالحل، وهو أن إجمال الإرادة لا يوجب إجمال الدلالة بعد ثبوت ظهورها ولو بالأصل، كما أن إجمال الدلالة لا يوجب إجمال الإرادة بعد ظهورها، بل كل منهما يستتبع الآخر، فيرتفع بذلك إجماله إلا في صورة تساويهما في الإجمال.
ومن جملة الموانع: دعوى طرو التقييد على ألفاظ العبادات بالأجزاء والشروط الكثيرة، الموجبة لوهن إطلاقها، وسقوطه عن درجة الاعتبار، ومقتضاه رجوع القول بالأعم بالأخرة إلى إجراء حكم الإجمال، المستلزم للقول بالصحيح في مقام العمل، فلم يبق بينه وبين القول بالصحيح فرق سوى الإجمال الذاتي والعرضي.
وللأعمي أن يجيب أولا: بمنع الصغرى، أعني منع طرو التقييدات الكثيرة على جميعها، وان كان في بعض الألفاظ محتملا.
وثانيا: بمنع الكبرى، أعني منع مانعية طرو التقييدات الكثيرة عن الإطلاق، ووهنها فيه، وإن بلغت في الكثرة إلى حد لم يبق تحت الإطلاق سوى فرد واحد، بل الظاهر من أساتيذنا الأعلام دعوى الوفاق، على أن ذلك من فروق المطلق عن العام وأن كثرة التخصيصات موجبة للوهن في العموم، وكثرة التقييدات غير موجبة للوهن في الإطلاق، سيما على القول بأن المطلق حقيقة في المقيد، بل لو سلم الوهن فإنما هو في خصوص ما إذا بلغ التقييد في الكثرة إلى حد العجز عن إحصائه.