الثاني: أن المحذورين المذكورين إنما يترتبان على أن يكون مراد الناذر هو الصحيح، لكنا نقول إن تعلق النذر واليمين، مع علم الناذر بأنه لو أراد الصحيح لزم المحذوران، قرينة على إرادة الأعم مجازا، والوضع للصحيح لا يلزمه الاستعمال فيه دائما، بل قد يخرج عن مقتضى الوضع بقرينة كسائر الحقائق.
الثالث: أنك قد عرفت أنا لا نقول بوضع تلك الألفاظ للصحيحة بمعنى المطلوبة، بل لذوات المفاهيم التامة بأجزائها وشرائطها، القابلة لتوجه الأمر إليها، ولا ريب أنها تجامع النهي والفساد، فلا يلزم من تعلق النذر بها خروجها عن كونها متعلقة له حتى يلزم المحذور الأول، فعلى هذا فلا يرد المحذور الثاني أيضا، فإن الذي يحصل به الحنث هي هذه المفاهيم مع كونها محرمة وفاسدة بعد النذر، لكن لا يتم بذلك مطلوب المستدل، إذ لا ريب أن الذي يحصل به الحنث حينئذ إنما هي هذه المفاهيم بتمام شرائطها وأجزائها المعتبرة فيها قبل تعلق الأمر بها، وهي كل شرط أو جزء اعتبر في العبادة غير نية القربة، فإنها مما يحصل بعد الأمر، لا الإتيان بكل صورة منها ولو مع فقد بعض الأجزاء والشرائط المذكورة، كأن صلى بلا سورة أو فاتحة أو بلا طهارة، فإنه لا يحصل به الحنث حينئذ قطعا.
فنقول: إنها لو كانت أسامي للأعم للزم حصول الحنث حينئذ بكل صورة من الصور الفاسدة، التالي باطل، فالمقدم مثله، والملازمة واضحة.
حجة القول بالتفصيل (1) بين الأجزاء والشرائط:
أما في اعتبار الأجزاء فعدم إمكان تحقق الكل بدون الجزء، فإذا تحققت الجزئية لم يعقل صدق الكل حقيقة بدونه، فإذا شك في حصوله أو في جزئيته مع عدم وجوده، لزمه الشك في صدق الكل.
وأما في عدم اعتبار الشرائط فبظهور خروج الشروط عن ماهية المشروط، كيف، ولو كانت مندوحة فيه لما تحقق فرق بينها وبين الأجزاء.