بالإجمال فلا وجه للتوقف عن الاستدلال بهما بالنسبة إلى سائر الأفراد المشكوك خروجها، فإن الشك حينئذ بالنسبة إلى ما بقي من المحتملات بدوي، ومعه لا وجه للمنع من التمسك بهما على عدم ورود التخصيص أو التقييد بالنسبة إليهما كما سيأتي بيانه.
فحينئذ فإن كان المراد أن ما نحن فيه، أعني ألفاظ العبادات الواقعة في حيز الأوامر الشرعية من قبيل الأول إما بعدم العلم التفصيلي بشيء من الأفراد المخرجة أصلا، وإما معه، لكن لا بما يطابق المعلوم الإجمالي فمنعه ظاهر.
ولو سلمنا فهو إنما في بعض الموارد، وأما في أكثرها فالظاهر أنها من قبيل الشق الثاني أي العلم التفصيلي بالعدة الموافقة للمعلوم.
وإن كان مراده حينئذ تسليم أنها من القسم الثاني، لكن يمنع من التمسك به حينئذ فقد عرفت ما فيه.
وعن الوجه الثاني: أن الأوصاف العارضة للفعل إما مما ينتزع من الحكم المتعلق به، ككونه مأمورا به، أو منهيا عنه، وإما من قبيل الأغراض والغايات الداعية إلى تعلق الحكم به، ككونه مقربا، أو خضوعا، أو مبعدا وموقعا للمفسدة، وإما مما يعتبر في موضوعيته للحكم شطرا أو شرطا، ككونه مع الجزء الفلاني أو الشرط كذلك، سواء كان من الأمور الوجودية كالطهارة بالنسبة إلى الصلاة، أو من العدمية كعدم وقوعها في المكان المغصوب مثلا.
لا ريب في امتناع تقييده في هذا الخطاب (1) بما يكون من القسم الأول عقلا، لاستلزامه الدور ضرورة توقف حصوله على ورود الحكم، فلا يعقل تعلقه بشيء لا يصير موضوعا له إلا بنفس ذلك الحكم.
واما القسم الثاني، وإن أمكن تقييده به عقلا إلا أنه ممتنع عرفا، لاستهجانه عندهم، نظرا إلى أنه إن كان سببا تاما لحصول الغاية فيلغى اعتبارها