الحجاز، فقال له: ما وراءك؟ قال تركت عثمان محصورا، قال عمرو: قد يضرط العير والمكواة في النار، ثم لبث أياما، فطلع عليه راكب آخر، فقال له عمرو:
ما الخبر؟ قال: قتل عثمان. قال: فما فعل الناس؟ فقال: بايعوا عليا. قال: فما فعل علي في قتلة عثمان؟ قال: دخل عليه الوليد بن عقبة فسأله عن قتله، فقال:
ما أمرت ولا نهيت، ولا سرني ولا ساءني. قال: فما فعل بقتلة عثمان! فقال:
آوى ولم يرض، وقد قال له مروان: إن لا تكن أمرت فقد توليت الأمر، وإلا تكن قتلت فقد أويت القاتلين، فقال عمرو بن العاص: خلط والله أبو الحسن، قال: ثم كتب عمرو بن العاص إلى سعد بن أبي وقاص يسأله عن قتل عثمان، ومن قتله، ومن تولى كبره؟ فكتب إليه سعد: إنك سألتني من قتل عثمان؟ وإني أخبرك أنه قتل بسيف سلته عائشة، وصقله طلحة، وسمه ابن أبي طالب، وسكت الزبير وأشار بيده، وأمسكنا نحن، ولو شئنا دفعنا عنه، ولكن عثمان غير وتغير، وأحسن وأساء، فإن كنا أحسنا، وإن كنا أسأنا فنستغفر الله، وأخبرك أن الزبير مغلوب بغلبة أهله وبطلبه بذنبه، وطلحة لو يجد أن يشق بطنه من حب الإمارة لشقه. قال: وكان ابن عباس غائبا بمكة المشرفة، فأقبل إلى المدينة وقد بايع الناس عليا. قال ابن عباس: فوجدت عنده المغيرة بن شعبة، فجلست حتى خرج، ثم دخلت عليه، فسألني وساءلته. ثم قلت له: ما قال لك الخارج من عندك آنفا؟ قال لي قبل هذه الدخلة، أرسل إلى عبد الله بن عامر بعهده على البصرة، وإلى معاوية بعهده على الشام (1) فإنك تهدئ عليك البلاد، وتسكن عليك الناس. ثم أتاني الآن، فقال لي: إني كنت أشرت عليك برأي لم أتعقبه، فلم أر ذلك رأيا، وإني أرى أن تنبذ (2) إليهما العداوة، فقد كفاك الله عثمان، وهما أهون موتة منه. فقال له ابن عباس: أما المرة الأولى فقد نصحك فيها (3)، وأما الثانية فقد غشك فيها، قال: فإني قد وليتك الشام فسر إليها، قال: قلت: ليس هذا برأي، أترى معاوية وهو ابن عم عثمان مخليا بيني وبين عمله، ولست آمن إن ظفر بي أن يقتلني بعثمان، وأدنى ما هو صانع أن