ملكة استنباط بعض المسائل دون بعض - إذا كانت المقدمات التي أعملها لاستنباط المسألة كلها علمية أو ظنية أقام الدليل القطعي على اعتبارها، كما قد يتفق للمستنبط.
وجه الجواز - حينئذ - ما مر من الأدلة العامة والخاصة، عدا ما يتوهم من مقبولة ابن حنظلة (1) من اعتبار المعرفة بكل الأحكام، بناء على حمل الجمع المضاف على العموم، فيخصص به - من حيث المفهوم المستفاد من كون المقام تعين المرجع في القضاء وتحديده - عموم رواية أبي خديجة والتوقيع الشريف (2)، لكن فيه: أن إبقاء الجمع المضاف على ظاهره مستلزم لصرف قوله: " عرف " - الظاهر في المعرفة المتحققة بالفعل - إلى إرادة ملكة المعرفة، لأن المعرفة الفعلية غير موجودة في أعاظم المجتهدين، وليس هذا أولى من ابقاء الفعل على حاله، وصرف الجمع المضاف إلى إرادة الجنس، كما هو شائع ذائع، كما في تعريف الحكم بأنه " خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين "، وقوله في التوقيع المتقدم: " فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا ".
وأما إذا كانت المقدمات التي يعملها للاستنباط كلها أو بعضها ظنية لا دليل على اعتبارها، عدا الدليل الدال على جية الظن في الجملة للمجتهد، بحيث لم يعلم شموله للمتجزئ، فالظاهر عدم جواز القضاء له، ولا الترافع إليه، إلا بإذن المجتهد الذي يرى جواز ذلك له، لعموم ما دل على حرمة الحكم والافتاء من غير علم عموما (3)، ومفهوم الروايات