هذا مضافا إلى ما سيجئ من الأخبار (1) الظاهرة في أن سقوط الحق إنما هو بعد استحلاف المدعي لا مطلقا ولذلك كله اتفقوا هنا على عدم جواز تبرع الحاكم هنا بذلك، دون ما تقدم في مسألتي مطالبة المدعى عليه بالجواب والحكم عليه من دون التماس المدعي، فإن كلا منهما أداء لحق المدعي وإن كان الثاني منهما مختصا به، ولذا كان يلغو بدون إذنه، بخلاف الأول كما مر، وحكى كاشف اللثام أن أبا الحسين بن أبي عمر القاضي أول ما جلس للقضاء ارتفع إليه خصمان، وادعى أحدهما على صاحبه دنانير فأنكره، فقال القاضي للمدعي: ألك بينة؟ قال: لا، فاستحلفه القاضي من غير مسألة المدعي. فلما فرغ قال له المدعي: ما سألتك أن تستحلفه لي، فأمر أبو الحسين فأعطى الدنانير من خزانته، لأنه استحيى أن يستحلفه ثانيا (2).
وهل يكتفى هنا بشاهد الحال؟ ظاهر النص والاجماع: العدم.
وربما يستظهر من الأخبار (3) الآتية في مسألة عدم سماع البينة على الحالف وعدم جواز المقاصة منه كفاية مجرد الرض باليمين، فيتجه حينئذ الاكتفاء بشهادة الحال إن أفادت العلم به.
وفيه: أن المسقط للدعوى والمانع عن المقاصة هي نفس اليمين