وإن أريد تفصيل الكبائر التي يشهد له بملكة تركها بأن يقول: أشهد أن له ملكة المواظبة على الواجبات، وترك كذا وكذا.. إلى آخر الكبائر، من دون أن يشهد بتركها فعلا، فربما يرجح في النظر عدم الفرق بين التعديل والجرح في ذلك، لما ذكره المصنف قدس سره في المختلف حيث قال: " إن الوجه التسوية بينهما، يعني الجرح والتعديل. لنا أن المقتضي لتفصيل الجرح ثابت في التزكية، فإن الشئ قد لا يكون سببا للجرح عند الشاهد ويكون جارحا عند الحاكم، فإذا أطلق الشاهد التعديل تعويلا منه على عدم تأثير ذلك الشئ فيه كان تغريرا للحاكم، بل الأحوط أن يسمع الجرح مطلقا، ويستفصل عن سبب التعديل، لأنه أحوط للحقوق " (1)، انتهى.
إلا أنه يرد عليه، أولا: أن المزكي لا بد أن يمشي في الكبائر على مذهب الفاعل دون مذهبه أو مذهب الحاكم، كما هو المتعين إذا اختلف مذاهبهم في أصل المعصية، فما يعتقده الفاعل صغيرة أو يعتقده مباحا لا يعتبر ملكة تركه فيه وإن كان عند المزكي والحاكم كبيرة، فيتوقف التعديل حينئذ على معرفة مذهب الشاهد في الكبائر، ولا يحتاج إلى تفصيل الكبائر أصلا، بل التفصيل لا ينفع، إذ لا يجوز للحاكم جرحه بما يكون كبيرة عنده، إذ لعله مباح أو صغيرة عند الفاعل.
فما استند إليه المصنف قدس سره في لزوم التفصيل من احتمال اختلاف المزكي والحاكم، محل نظر.
نعم يستقيم ذلك في الذنوب التي يراها الحاكم كبيرة والفاعل صغيرة، إذا قلنا بأن ذلك أيضا يوجب التفسيق، لكنه محل نظر، بل الأولى هنا