الأصحاب في غير محله وإن تبعه عليهما بعض من تأخر عنهما، بل ربما ظهر من صاحب المدارك اختيار المقدمي ناقلا له عن العلامة في المنتهى، ولم أجده فيه، بل الموجود خلافه، كما يظهر للمتصفح لكلامه فيه. ومنه أنه جعل غسل شئ من العضد مقدمة لادخال المرفق، كما ذكر ذلك فيما لو انقطعت يده من المرفق.
والحاصل أن التأمل في كلمات القوم يشرف الفقيه على القطع بأن مرادهم به الوجوب الأصلي، فيدل عليه حينئذ بعد ما سمعت من الاجماعات وغيرها ظواهر الوضوءات البيانية، ففي بعضها (1) (وضع الماء على المرفق) وفي آخر (2) (الغسل من المرفق) وهي وإن كانت أعم من المقدمي والأصلي لكنها ظاهرة في الأخير، وما تقدم سابقا من المناقشة في دلالتها على الوجوب قد عرفت الجواب عنه، واشتمال بعضها على لفظ (الذراع) لا ينافي دخول المرفق معه، وقد يظهر الوجوب أيضا من خبر ابن عروة التميمي (3) قال:
سألت أبا عبد الله (عليه السلام) " عن قوله تعالى (فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق) فقلت: هكذا، ومسحت من ظهر كفي إلى المرفق. فقال: ليس هكذا تنزيلها، إنما هي فاغسلوا وجوهكم وأيديكم من المرافق، ثم أمر يده من مرفقه إلى أصابعه " بناء على أن ابتداء الغاية داخل فيها ليس كالغاية، ولذا نقل عمن أنكر هناك وافق هنا، لكنه مناف لجعل (إلى) بمعنى مع في غيره كما تقدم، مع أنه قد يقال: المراد بالتنزيل التأويل، كما يقال يمكن تنزيله على كذا، فيكون مقصوده إرادة عدم الغسل منكوسا، أو أن (إلى) هنا بالمعنيين أو يراد بكونها بمعنى (مع) دخول المرفق، فلا ينافي جعلها بمعنى من، كما أنه لا ينافيه ما في بعض الأخبار من جعل (إلى) غاية للمغسول لا للغسل، إما للقول بأن الغاية داخلة مطلقا، أو في خصوص المقام حيث لا مفصل محسوس، أو للحكم بالدخول هنا خاصة لما سمعت من الاجماعات وغيرها، هذا.