(صلى الله عليه وآله) وقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) (1): " إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى، فمن غزا ابتغاء ما عند الله فقد وقع أجره على الله عز وجل، ومن غزا يريد به عرض الدنيا أو نوى عقالا لم يكن له إلا ما نوى " وقوله أيضا (2) في خبر أبي عثمان العبدي عن جعفر عن آبائه عن أمير المؤمنين (عليهم السلام) قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا قول إلا بعمل، ولا قول ولا عمل إلا بنية، ولا قول ولا عمل ولا نية إلا بإصابة السنة " وفي الوسائل أنه رواه الشيخ مرسلا عن الرضا، وغير ذلك.
وما وقع من بعض متأخري المتأخرين - من المناقشة في الاستدلال بهذه الأخبار لاحتمال توجه الحصر فيها إلى الكمال دون الصحة، وترجيح الثانية على الأولى لكونه أقرب المجازات إلى الحقيقة معارض بأنه فيه تخصيصا للأعمال بالعبادات خاصة - ضعيف جدا، لما فيه من المخالفة لفهم العلماء الماهرين، ولغلبة استعمال مثل هذا التركيب في نفي الصحة كما هو واضح، وخروج غير العبادات منه غير قادح، بل هو أولى من غيره لشيوع التخصيص، لا يقال: إن بعض هذه الأخبار لا تنطبق على ما ذكرت من معنى النية، مثل " إنما الأعمال بالنيات " ونحوه، لأنا نقول: مع أنا نجوز إطلاقها على غير ما تقدم مجازا أنه قد يشتبه المراد من متعلق النية إما باضمار أو نحوه، وفي إطلاق نفس النية كما في قوله: " إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى " إلى آخره. بل التأمل الصادق في مثل قوله (إنما الأعمال) ونحوه يقضي بأنه أدل على المطلوب منه على غيره لما فيه من إطلاق النية على غير ما نحن فيه، فتأمل جيدا.
وإذ قد ظهر لك المراد من النية علمت أن الأمر فيها في غاية السهولة، إذ لا ينفك فعل العاقل المختار حال عدم السهو والنسيان عن قصد للفعل وإرادة له، ومن هنا قال بعضهم: إنه لو كلفنا الله الفعل بغير نية لكان تكليفا بالمحال، وهو حسن بناء على ما ذكرنا من معنى النية، بل لعله لذا أغفل المتقدمون ذكرها وبيان شرطيتها،