لغيره، أو إذا كان المكلف به متعددا فتأمل ولاحظ.
نعم لو زعم المكلف جهلا منه أن ذمته مشغولة بوضوءين أحدهما وجوبي والآخر استحبابي وأوقعه مع ذلك غير معين لأحدهما أو أوقعه بقصد فعل الاستحبابي يمكن القول بالفساد، لحصول الابهام المحتاج إلى التعيين، وهو مفقود في الأولى، وفاسد في الثانية، مع أنه لا يخلو أيضا من إشكال وتأمل إلا إذا لم يكن قاصدا للامتثال، وإلا فحيث يتحقق لا يبعد أن يقال: بالصحة فيهما معا وإن لم يعين في الأولى، لحصول التعيين في الواقع وإن أخطأ في الثانية،: فتأمل جيدا. وأما الكلام في التأييد السابق ففيه أولا أن لفظ الوضوء ليس من المجملات حتى تجري فيه القاعدة المذكورة كما سيظهر لك من الأخبار البيانية (1) وما يقال -: إنه وإن لم يكن لفظ الوضوء منها لكن لفظ النية لاستعماله في معنى جديد غير معلوم لنا - يدفعه ظهور أن ليس للفظ النية معنى غير المعنى اللغوي، على أنه إن سلمنا أن لها أو للوضوء معنى جديدا مجملا أمكن دعوى القطع أو الظن المعتبر بعدم دخول نية الوجوب أو الندب فيها أو فيه، لخلو الكتاب والسنة وكتب المتقدمين عن الإشارة إليها مع عمومية البلوى بها واحتياج الناس إلى ذلك في اليوم الواحد مرات متعددة، لكثرة العبادات من الواجبات والمستحبات المتكررة في كل يوم بالنسبة إلى أكثر الأشخاص فلو كان قصد الوجوب أو الندب معتبرا لأكثر الشارع من الأمر بالتعليم والتعلم، ولشاع في الأعصار والأمصار، واشتهر اشتهار الشمس في رابعة النهار، ولخطبت بها الخطباء على رؤوس المنابر ونادت بها الوعاظ، مع أنه لم يصل إلينا في ذلك خبر ولا أثر، بل الأخبار (2) الواردة في كيفية التعلم خالية عن الإشارة إلى شئ من ذلك، ومثله الكتاب العزيز مع بيانه حقيقة الوضوء بقوله تعالى (3): " إذا قمتم إلى الصلاة " إلى آخره، وما يقال: - إن الآية قد ترك بيان أكثر