بعض من تأخر عنه كالمصنف (رحمه الله) في المعتبر والعلامة في جملة من كتبه وغيرهم، بل في السرائر إجماعنا منعقد على أنه لا تستباح الصلاة إلا بنية رفع الحدث أو نية استباحته بالطهارة، لكنه صرح الشيخ وابن إدريس بعدم الاكتفاء بنية ما كانت الطهارة مؤثرة في كماله، وحكم بعدم صحة الوضوء حينئذ، واختار بعض من وافقه في الأول خلافه في الثاني، لأنه لا فرق بين ما كانت الطهارة شرطا في صحته وبين ما كانت شرطا في كماله في لزومهما لقصد رفع الحدث، واحتمال الغفلة عن ذلك في الثاني جار في الأول أيضا، ولعله الأقوى بناء عليه، نعم لا يخفى عليك ما فيه، لما تقدم سابقا، بل قد يقال:
أن تلازمهما في الواقع لا يقضي به في قصد المكلف، والمقصود الثاني، فإنه قد يعرف المكلف اشتراط صحة الصلاة بهذه الأفعال ولا يعرف أنها رافعة لحكم الحدث من المنع للصلاة، إذ قد يجهل مانعيته، فدعوى أن قصد الاستباحة يلزمه قصد الرفع ممنوعة، بل قد يمنع التلازم في الواقع أيضا بحصول الاستباحة ولا رفع كوضوء المسلوس والمبطون والمستحاضة ونحوها، فلا يكتفى بنيتها عنه، والقول بأنه لا فرق معنى بين الاستباحة ورفع الحدث، إذ الحدث عبارة عن الحالة المترتب عليها منع الصلاة، فمتى حصلت الاستباحة ارتفعت فيه أن مرجعه إلى نزاع لفظي يأتي التنبيه عليه إن شاء الله تعالى، بل قد يقال: بانفكاك الرافع عن المبيح بوضوء الحائض، لرفع حدثها الأكبر مع الغسل ولا إباحة فيه، وكذا القول بالاكتفاء ليس لمكان التلازم، بل لظهور قوله تعالى (1): " إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم " في إرادة اغسلوا وجوهكم لها نحو قولك: إذا لقيت العدو فخذ سلاحك أي للقائه، والأمر يقتضي الاجزاء، إذ فيه أنه حينئذ لا معنى للاكتفاء بنية رفع الحدث كما زعمتم، وحمل الأمر على الوجوب التخييري مجاز بلا قرينة، بل لا معنى للتعدي إلى غير الصلاة مما شرط صحته بالطهارة، وأولى منه عدم التعدي لما شرط كماله بها، ومما سمعت من الآية يظهر لك وجه من اقتصر على