نية الاستباحة، كما لعله يظهر من الشيخ في الخلاف والمنقول عن المرتضى والشيخ في الاقتصاد، لاقتصارهما على ذكرها، لكن فيه - مضافا إلى ما سمعت من أن الاستباحة والرفع أمران مترتبان على هذه الأفعال علم المكلف أو جهل فضلا عن النية وعدمها، لكونها من الأوصاف الخارجية التي رتبها الشارع عليها - إن ما ذكر من الآية لا دلالة فيه على وجوب نية كونه للصلاة، إذ كونه لها لا يفيد أزيد من توقف صحتها عليه، وأنه ليس واجبا لنفسه، وهو لا مدخلية له فيما نحن فيه، وما ضربه من المثال بأخذ السلاح ليس بأوضح مما نحن فيه، بل هما من واد واحد، والقول بأن السيد إذا قال: لعبده قم لاكرام زيد مثلا لا ريب في أنه لا يعد ممتثلا إذا قام لا بهذا القصد - لظهور أن امتثال هذا التكليف لا يكون إلا بالقيام مقصودا به ذلك، لانتفاء المقيد بانتفاء قيده - مسلم ، لكن نمنع أن ما نحن فيه منه، لعدم ذكر القيد في العبادة، فالأمر فيه إلى المفهوم عرفا، وهو هنا إنما يفيد كون علة الأمر بالوضوء الصلاة فليس معنى الآية أن غسل الوجه للصلاة واجب عليكم ليكون متعلقا بالغسل حتى يكون الجميع متعلق الأمر، بل المعنى والله أعلم أني أطلب للصلاة غسل الوجه، والفرق بينهما واضح.
ومما سمعت من عدم التلازم بين الاستباحة ورفع الحدث مفهوما ووجودا اختار بعضهم وجوب جمعهما في النية، كما في التذكرة وعن الكافي والغنية والمهذب والاصباح، وهو المذهب الرابع، وقد عرفت ضعفه مما تقدم سابقا، وكان الأقوى عدم وجوب شئ منها كما اختاره المصنف، وهو المنقول عن الشيخ في النهاية، واختاره جماعة من المتأخرين وجميع مشائخنا المعاصرين، وربما كان ظاهر من ترك التعرض لأصل النية أيضا كما نقل عن المتقدمين، ولنعم ما قال ابن طاووس في البشرى على ما نقل عنه:
" إني لم أعرف نقلا متواترا ولا آحادا يقتضي القصد إلى رفع الحدث أو استباحة الصلاة " إلى آخره. ولا تغفل عن كثير مما قدمناه في نية الوجه من السيرة وغيرها، فإنها جارية هنا وأنى للأعوام ومعرفة الفرق بين رفع الحدث والاستباحة أو عدمه، وفي كشف