الطبيعة الجنسية إذا تقيدت وتنوعت يصير كل نوع مباين مع النوع الآخر، فكذلك الطبيعة النوعية إذا تقيدت بقيود فردية يصير كل فرد مباين مع الفرد الآخر.
فكما أن الأنواع لا تختلفان في الجنسية - كالحيوانية في الإنسان والفرس مثلا - وإنما الاختلاف في النوعية والفصل، فكذلك الأشخاص والأفراد - كزيد وعمرو مثلا بالنسبة إلى الإنسانية - يشتركان في الحقيقة النوعية ويختلفان في الفردية والشخصية.
وبالجملة: أن الفرق الذي ذكره في نحوي القيد غير وجيه؛ إذ كما أن القيود في الأول توجب التباين النوعي، فكذلك في الثاني يوجب التباين الفردي. ومجرد دخالة القيد في الأول في ماهية المقيد دون الثاني لا يوجب التفاوت فيما هو المهم؛ فهما يرتضعان من ثدي واحد، كما لا يخفى، فتدبر.
ومنها: أن تقسيم القسم الثالث من الحصة إلى قسمين؛ بأن بعضها مقدم وبعضها الآخر مشخص غير صحيح؛ لأن المقارنة إما لها دخالة - ولو بنحو ما - للجزء المعتبر تقارنه لهذا الجزء أم لا، فعلى الأول تكون مقوما؛ فتحصل المقارنة بين الجزء المقترن وبين غير المقترن. وعلى الثاني يعلم بعدم اعتبارها، ويكون اعتبارها أشبه شئ بوضع الحجر جنب الإنسان.
ومن الواضح: اعتبار المقارنة وارتباط بعضها ببعض في الموضوع، وإلا يلزم أن يصح إتيانها غير مرتبطة أيضا.
فإذن: تكون المقارنة بالنسبة إلى الموضوع من قيوده؛ فلم يفترق القسمان من حيث تقوم الموضوع - سواء قيل بالارتباط أو بالتقييد، فتدبر واغتنم.
ومنها: ما أفاده في أصل المطلب من أن الأقل إذا كان مرتبطا بجزء أو قيد مغايرا حقيقة وماهية للأقل الذي له ارتباط بشيء آخر يلزم الاحتياط.