الإتيان بالمقيد أو لزوم الإتيان بالمتعلق مجردة، وبين المصداقين تباين، فالعقل يحكم بالجمع بينهما في مقام الامتثال.
وبالجملة: فاقد القيد وواجده في الوجود الخارجي متباينان، ولم يقل أحد منهم بالبراءة في دوران الأمر بين المتباينين في مقام الامتثال.
فحصل الفرق بين المقام ومسألة الأقل والأكثر؛ لأن الحكم هناك تعلق بعنوان لم يعلم انطباقه على الأقل فقط، أو عليه مع الأكثر معا. وأما في المقام فمتعلق التكليف معلوم؛ وهو المجرد عن القيد، ولكن في مقام الامتثال يدور أمره بين المتباينين (1).
ولعل هذا التقريب أوجب المحقق العراقي (قدس سره) لتصوير الحصة، كما ستقف عليه قريبا إن شاء الله.
وفيه أولا: أنه لو تم كون المقام من المتباينين فمقتضاه الجمع بينهما؛ بأن يأتي بصلاة مجردة عن قصد الامتثال - مثلا - ثم بصلاة أخرى بقصد الامتثال، لا الاكتفاء بالمقيدة، كما هو الشأن في جميع موارد دوران الأمر بين المتباينين، ولم يلتزم به هو (قدس سره)، ولا غيره في المقام، فتدبر.
وثانيا: أنه لم يكن المقام من دوران الأمر بين المتباينين؛ لأن مدار تردد الأمر بين المتباينين - الذي يحكم العقل بوجوب الاحتياط - هو ما إذا كان العنوان والموضوع الذي تعلق به الأمر مردد الانطباق عليهما، فعند ذلك يحكم العقل بالاشتغال.
مثلا: إذا قيل: " أكرم زيدا "، وتردد كونه هذا الفرد - أي زيد بن عمرو - أو ذاك الفرد - أبي زيد بن بكر - فلا يعلم ما هو المتعلق للوجوب منهما، مع صلاحية زيد للانطباق على كل من الفردين، فحيث إن الشك يرجع بنحو إلى ناحية الامتثال يحكم العقل بوجوب الاحتياط بإكرامهما.