وذلك لما عرفت أن الاحتياط إنما يجب إذا كان متعلق التكليف مردد الانطباق عليهما، كما في المتباينين.
وأما فيما نحن فيه فليس كذلك؛ ضرورة صدق الصلاة - مثلا - على كل من المجردة والمقيدة.
وارتباطية بعض الأجزاء ببعض لا يضر بذلك؛ بداهة أن الصلاة كما تصدق على المقيدة فكذلك تصدق على المجردة عن القيد، كما هو المفروض؛ لأن محل البحث إنما هو بعد صدق الطبيعة على المجردة عن قصد الأمر، ولو على القول بأن المسمى هو خصوص الصحيحة؛ لأن المعتبر هو ما عدا القيود الآتية من قبل الأمر.
فإذا كان صدقهما عليهما سيان فحيث إن المكلف مأخوذ بما قام عليه الحجة، وواضح أن ما قم لديه الحجة إنما هو المجردة، وأما بالنسبة إلى القيد فحيث إنه مشكوك فيه فينفي بالبراءة العقلية.
ولا يخفى: أن هذا ليس لأجل إطلاق الدليل، بل لأجل الإهمال، وأن المقدار المعلوم الذي قامت عليه الحجة هو هذا المقدار.
ولا فرق في ذلك في النوع بالنسبة إلى الجنس، ولا في الفرد بالنسبة إلى النوع، ولا المقيد بالنسبة إلى المطلق؛ لأن الملاك في الجميع واحد؛ وهو أن المعلوم الذي قامت عليه الحجة هو عنوان الجنس أو النوع أو المطلق، وهو يصدق على الموجود الخارجي - أعني الحيوان أو الإنسان أو الرقبة مثلا - وأما الزائد فمشكوك فيه، فينفي بالأصل.
هذا إجمال المقال في المسألة، تفصيله يطلب من مبحث الاشتغال. هذا كله في المورد الأول؛ وهو حكم العقل في المسألة.
فظهر مما ذكرنا: أن الأصل العقلي فيها هو البراءة عقلا؛ لقبح العقاب بلا بيان.