وثالثا - وهو العمدة - أن الانقلاب إنما يلزم لو كانت الذات مأخوذة في المشتق تفصيلا؛ بحيث يكون قولنا: " زيد ضارب " مثلا إخبارين: أحدهما الإخبار عن كون زيد زيدا، وثانيهما الإخبار عن كونه ضاربا. وقد أشرنا أن التركيب في المشتق انحلالي؛ فلا يلزم ذلك؛ لأن الضارب - مثلا - اسم فاعل حاك عن الفاعل بما أنه فاعل، ولا يشك أن حيثية الفاعلية لا تكون ضرورية للإنسان.
ورابعا: لو سلم أخذ الذات في المشتق تفصيلا فإنما يلزم ذلك لو كان ذلك إخبارين وقضيتين:
أحدهما ممكنة، والأخرى ضرورية. وأما إذا كان إخبارا عن الذات التي له المبدأ - كما هو الظاهر - فلا تنحل إلى قضيتين خبريتين، بل قضية واحدة؛ ضرورة أن القائل بأن زيدا شئ له القيام ما أخبر إلا عن ثبوت القيام له، لا عن شيئيته.
وخامسا: لو فرض أن ذلك إخباران وقضيتان: إحداهما ضرورية والأخرى ممكنة فأين الانقلاب، فتدبر جيدا.
تقريب آخر لبساطة المشتق ورده قريب من كلام المحقق الشريف في بساطة المشتق ما قاله بعض: بأنه لو كان مفهوم الذات أو مصداقها مأخوذا في المشتق يلزم أن يكون قولك: " الإنسان شئ أو ذات " بعد قولك: " الإنسان قائم " تكرار لها. كما أنه يلزم التناقض لو قلت بعدها:
" الإنسان ليس بشيء وذات ". مع أن الوجدان أصدق شاهد وحاكم بعدم لزومهما.
فيستكشف من عدم لزوم التكرار في الأول وعدم التناقض في الثاني عدم أخذ الذات أو مصداقها في المشتق؛ فيكون المشتق بسيطا (1).