الجهة السابعة لا إشكال في أن المتبادر من بعض صيغ المضارع هو المعنى الاستقبالي، ولا يطلق على المعنى الحالي إلا نادرا، وهو الكثير منها، كيقعد ويقوم ويذهب ويجلس وينام، إلى غير ذلك. كما أن المتبادر من بعضها الآخر المعنى الحالي، كقولك: " يعلم زيدا " إذا سئلت عن علمه. ومنه قوله تعالى: (الله أعلم حيث يجعل رسالته) (1).
ومن هذا النحو: يحسب ويظن ويقدر ويشتهي ويريد؛ فإن المتبادر منها المتلبس بالمبدأ في الحال، كما لا يخفى؛ حتى بالنسبة إلى معاني تلك الصيغ في اللغة الفارسية؛ فإن معنى اعلم " ميدانم "، وأظن " گمان ميكنم " وهكذا، كما لا يخفى.
فيقع السؤال عن وجه الاختلاف فيها:
فنقول: يبعد أن يكون منشأ الاختلاف تعدد الوضع؛ بأن يقال: إنه وضعت هيئة المضارع في بعض الموارد للدلالة على المعنى الاستقبالي، وفي بعض آخر للدلالة على المعنى الحالي. أو وضعت هيئة المضارع مقارنة لمادة كذا للدلالة على المعنى الاستقبالي، ومقارنة للمادة الأخرى للدلالة على المعنى الحالي.
ولا يصح أن يقال: إن الهيئة موضوعة للجامع بين الحال والاستقبال؛ لما أشرنا في الجهة السابقة أن مدلولها معنى حرفيا، ولا يكون بين المعاني الحرفية جامعا كذلك.
نعم، لا يبعد أن يقال: إن هيئة المضارع وضعت للمعنى الاستقبالي، إلا أنه استعملت؟ في بعض الموارد في المتلبس بالحال مجازا، إلى أن صارت حقيقة فيه.
وإن أبيت عما ذكرنا فنقول: لا طريق لنا إلى إحراز ذلك، ولا نعلم نكتة اختلاف هيئات المضارع في ذلك، ولا يهم ذلك.