الوجوه التي يستدل للإجزاء في العمل بالأمارات ودفعها الوجه الأول:
وهو أن مقتضى أدلة حجية خبر الواحد - الذي هو عمدة الأمارات، وبه قوام الفقه والشريعة المقدسة - تنزيل مؤدى خبر الثقة منزلة الواقع؛ وذلك لأن مفهوم قوله تعالى في آية النبأ (1) حجية قول العادل وتنزيل قوله منزلة الواقع، وكذا معنى قوله (عليه السلام): " لا ينبغي التشكيك فيما يرويه ثقاتنا " (2) هو أن ما يرويه ثقاتنا منزل منزلة الواقع لا ينبغي التشكيك فيه، وكذا قوله (عليه السلام): " العمري وابنه ثقتان ما أديا فعني يؤديان " (3) معناه أن ما أداه العمري وابنه منزل منزلة الواقع، أو ابن على أن مؤدى قول العمري وابنه مؤدى قولي، ولازم ذلك أنه أخبر الثقة بأن الشيء الفلاني جزء للصلاة أو شرط أو مانع لها فلابد من البناء العملي وترتيب آثار الجزئية أو الشرطية أو المانعية عليه، وإن كان في الواقع غير جزء أو شرط أو مانع. ومن آثار هذا التنزيل عدم الإعادة في الوقت لو انكشف الخلاف في الوقت، أو عدم القضاء خارج الوقت لو انكشف خارج الوقت.
وفيه أولا: أنه لا يكون مقتضى شئ مما استدل به لحجية خبر الواحد تنزيل مؤداه منزلة الواقع؛ لعدم دلالة شئ من الآية والروايات على حجية خبر العادل تأسيسا؛ حتى آية النبأ فإنها تدل على أنهم قبل نزول الآية المباركة كانوا