الوحيد في إثبات المعاني اللغوية. والمتبادر من المشتق خصوص المتلبس منه؛ بداهة أن المتبادر من " زيد عالم " تحقق مبدأ العلم فيه فعلا. ولا يصدق عليه لو كان متلبسا به وانقضى عنه، إلا عناية ومجازا.
وربما يستدل لذلك: بصحة السلب عن من انقضى عنه، وصحة الحمل للمتلبس به.
ولكنه غير وجيه؛ لأنه إما ساقط، أو مسبوق بالتبادر، كما عرفته بما لا مزيد عليه في باب تشخيص المعنى الموضوع له.
وقد أسمعناك: أن البحث في المشتق بحث لغوي، وفي مفهومه التصوري؛ فالاستدلال لإثبات المدعى بالوجوه العقلية وبالجري والإطلاق انحراف للمسألة عن مسيرها؛ بداهة أنه لا محذور عقلا في وضع المشتق للأعم من المتلبس بالمبدأ على من انقضى عنه وما يتلبس بعد، ويكون محل البحث والنزاع في مفهومه التصوري. نعم تكون تلك الوجوه مؤيدات لإثبات المطلب.
وبالجملة: الدليل الوحيد اللائق بالبحث في إثبات المعاني الحقيقية هو التبادر. والوجوه العقلية إن كانت تقريبات للتبادر فوجيه، وإلا فغير سديد.
فلا بأس بذكر تلك الوجوه التي استدلت لكون المشتق حقيقة في المتلبس فعلا، والإشارة إلى ما فيها.
الوجه الأول إنه لا شبهة في أن العناوين المشتقة من المبادئ المتضادة - كالقيام والقعود، والسواد والبياض مثلا - متضادة في نظر العرف؛ بحيث يرون امتناع اجتماعها في موضوع واحد في وقت واحد.
فإذا أخبر أحد عن زيد - مثلا - بكونه قائما، وآخر بأنه قاعد في وقت واحد، يرون هذين الخبرين متنافيين لا يمكن تصديقهما، وما ذاك