المسألة الثانية في أن مقتضى الإطلاق هل صدور المأمور به عن المخاطب اختيارا فقط، أو الأعم منه؟
وفيها بيان مقتضى الأصل العملي:
لا إشكال في لزوم إرادة المخاطب في إتيان المأمور به؛ لعدم معقولية توجه الخطاب إلى إتيان الفعل لا عن إرادة، وإنما البحث والكلام في لزوم اعتبار الاختيار.
والكلام في هذه المسألة - أيضا - يقع في جهتين:
الأولى: في مقتضى الأصل اللفظي في المسألة.
والثانية: في مقتضى الأصل العملي فيها.
الجهة الأولى: في مقتضى الأصل اللفظي في المسألة لا إشكال عند التحقيق: أنه لا إطلاق لهيئة الأمر؛ لأن معناها - كما أشرنا غير مرة - هو إيجاد البعث الخارجي في عالم الاعتبار والإغراء الاعتباري، نظير إشارة الأخرس؛ فالمعنى الموجد بها غير قابل لشيء من الإطلاق والتقييد:
أما الأول؛ فلعدم انطباق المعنى بها إلا على نفسها المتشخصة، كما هو الشأن في إشارة الأخرس.
وأما الثاني؛ فلأنه فرع الإطلاق؛ فإذا لم يكن هناك إطلاق فلا معنى للتقييد.
فإذن: لا وقع لتوهم أن البعث في قولنا: " أكرم زيدا " مثلا هو البعث الأعم من أن يكون المبعوث إليه صادرا من المخاطب بالاختيار.
كما لا وقع لتوهم: أنه مقيد بخصوص ما هو الصادر منه بالاختيار.