وغير خفي على من لاحظ المشتقات نفسها - من دون كونها محكومة عليها أو بها - يرى أن تلك الماهيات لأجل تلاعب المواد وتشكلها بها، فهيئات المشتق مورد تلاعب المادة بها وتلبسها بها. والإنصاف تبادر التلبس الفعلي منها، لا الأعم، على فرض تصوره.
والاستدلال بالوجوه الفعلية بمراحل عن الواقع، إلا أن يكون المقصود منها تقريبات لإثبات التبادر، والله العالم.
ذكر ودفع: في التفصيل بين هيئة اسم المفعول وغيرها قد يفصل بين هيئة اسم المفعول وبين غيرها؛ فيقال: إن التبادر من اسم المفعول الأعم، بخلاف غيره فإنه لخصوص المتلبس.
وكأن هذا صار سببا لإخراج بعض الأعاظم (قدس سره) اسم المفعول عن محل النزاع؛ حيث قال: إنه موضوع لمن وقع عليه الفعل، وهو أمر باق لا يعقل الانقضاء فيه (1).
وفيه: أن الفاعلية والمفعولية كالضاربية والمضروبية متضائفان، فلا يكاد يفرق بينهما مع أنه لو كان معنى اسم المفعول ما ذكره فنقول: إن اسم الفاعل موضوع لمن صدر عنه الفعل، وهو أيضا أمر باق لا يعقل فيه الانقضاء.
والظاهر: أن منشأ هذا الكلام وأمثاله انحراف المسألة عن مسيره، والتكلم فيها فيما هو خارج عن محل النزاع؛ وذلك لأنه - كما ذكرنا غير مرة - أن محل النزاع معانيها التصورية اللغوية، وما ذكره هذا القائل إنما هو ملاحظة معانيها التصديقية.