فلا إيجاب على العقد عقلا إلا بالنسبة إلى ما قام عليه الحجة. ولم تقم الحجة حسب الفرض على الزائد على المجردة؛ فلا مانع من جريان قاعدة القبح بلا بيان.
ولعل منشأ هذا التوهم: هو الخلط بين عدم البيان في استفادة الإطلاق اللفظي من المطلق، وبين عدم البيان المستعمل في باب الاشتغال والبراءة، مع وجود الفرق بينهما.
وذلك لأن المعتبر في باب الإطلاق اللفظي: هو أن الآمر إذا أخذ شيئا عنوانا وموضوعا لحكم؛ مجردا عن القيد، وكان في مقام البيان، فبما أنه فاعل مختار وقد جعل باختياره هذا الحكم للمجرد فيستكشف منه أن مراده غير مقيد بقيد.
ولا يخفى: أن هذا إنما هو في القيد الذي يمكن أخذه ولم يأخذه. وأما فيما لو لم يمكن أخذه فلا يمكن أن يستكشف ذلك، فلا ينعقد الإطلاق عند ذلك، وهو واضح.
وأما في المقام: فلا يعتبر في جريان قاعدة القبح بلا بيان ذلك؛ لأنه إذا لم يبين الآمر - ولو ببيان مستأنف - القيد - ولو لعدم إمكان أخذه - فالعقل يقضي بجريان القاعدة؛ لأن موضوع قبح العقاب بلا بيان إنما هو فيما لم يقم هناك حجة، وهو حاصل حسب الفرض.
فتحصل: أن الحق جريان البراءة العقلي في المقام، وعدم لزوم قصد الأمر في الامتثال.
التقريب الثالث ولعله يشير إليه ما أفاده العلامة القوچاني (قدس سره) في " تعليقته على كفاية الأصول ".
وحاصله: أنه وإن لم يمكن أخذ القيود المذكورة في المأمور به ولكن لها دخل واقعي في حصول الغرض، وحيث إنه لا يمكن أخذها في المأمور به ففي مقام تعلق الأمر لا يكون المأمور به إلا واحدا.
وأما في مقام الامتثال والوجود الخارجي: فحيث إنه يدور أمره بين لزوم