وقد أجابوا عن الإشكال في جميع الموارد: بأن ما به الاشتراك فيها عين ما به الامتياز.
ولا يكون الاختلاف بينهما بتمام الذات المستعملة في الماهيات أو بعضها أو بأمر خارج عنها؛ ضرورة عدم التباين الذاتي بين الإرادة القوية والضعيفة. ولا يكون اختلافهما ببعض الذات؛ لبساطتها. ولا بأمر خارج حتى تكونا في مرتبة واحدة، والشدة والضعف لاحقان به.
فالإرادة - كسائر الحقائق البسيطة - تكون افتراق مراتبها كاشتراكها بتمام الذات، وتكون ذات عرض عريض ومراتب شتى. ولا يهمنا التعرض لتحقيق الأمر في ذلك هنا، ومن أراد حقيقة الحال فليراجع مظانه.
الأمر الثاني: في اختلاف الإرادة التشريعية باختلاف المصالح إن الأفعال الاختيارية الصادرة من الإنسان - برمتها - لابد وأن تكون مسبوقة بالتصور، والتصديق بالفائدة، والتصميم، والإرادة، وتحرك العضلات والرباطات، فإذا تحققت الجميع يوجد الفعل خارجا.
ولا فرق في ذلك بين كون الفعل الصادر من الأمور الخارجية - أعني الأمور التكوينية - أو من الأمور التشريعية؛ فإن وضع القانون وصدور الأمر من الآمر فعل اختياري له؛ فلابد له - بما أنه فعل اختياري له - ما لغيره من سائر أفعاله الاختيارية، حذو النعل بالنعل، والقذة بالقذة.
فكما أنه في الأفعال الخارجية والإرادات التكوينية - على زعمهم - تكون شدة الإرادة وضعفها تابعة لإدراك أهمية المراد والمصالح والأغراض فيه، فكذلك في الإرادة التشريعية تختلف حسب إدراك المصالح والغايات التي تكون في متعلقها.