وثالثا: لو سلم خفاء الواسطة عند العرف فلا اعتداد به، كما قرر في محله (1)؛ لعدم الفرق في عدم الحجية بين خفاء الواسطة وعدمه.
فظهر مما ذكرنا: أن المرجع هو البراءة الشرعية، مع إمكان أخذ قصد الأمر في الخطاب الأول أو في الخطاب الثاني، وإن قلنا بالاشتغال عقلا؛ فتدبر.
وأما مع عدم إمكان أخذ قصد الأمر في الخطاب مطلقا - حتى في الخطاب الثاني - وقلنا بالاشتغال العقلي، فالحق فيه أيضا البراءة الشرعية.
خلافا للمحقق الخراساني (قدس سره) حيث قال: لا أظنك أن تتوهم وتقول: إن أدلة البراءة الشرعية مقتضية لعدم الاعتبار، وإن كانت قضية الاشتغال عقلا هي الاعتبار؛ لوضوح أنه لابد من عموم أدلة البراءة الشرعية من شئ قابل للرفع والوضع شرعا، وليس هاهنا؛ فإن دخل قصد القربة ونحوها في الغرض ليس شرعي بل واقعي، ودخل الجزء والشرط في الغرض وإن كان كذلك إلا أنهما قابلان للوضع والرفع شرعا.
فبدليل الرفع - ولو كان أصلا - نكشف أنه ليس هناك أمر فعلي بما يعتبر فيه المشكوك بحسب الخروج عن عهدته عقلا، بخلاف المقام فإنه علم بثبوت الأمر الفعلي، كما عرفت، فافهم (2).
وفيه أولا: أن الظاهر من حديث الرفع وإن كان ما استنبطه (قدس سره)؛ من لزوم كون المشكوك فيه قابلا للوضع، بل لابد وأن يكون هناك وضع وتشريع، إلا أنه رفع إذا لم يعلم امتنانا، لا أنه بمعنى الدفع حتى يعم ما لا يصلح للوضع.
ولكن الذي يسهل الأمر: عدم انحصار دليل البراءة الشرعية بما يكون لسانه الرفع حتى لا يلائم المقام - لكونه مخصوصا بما يمكن بيانه وضعفه؛ فلا يعم