غرض البعث، فلا معنى لبقاء البعث بعد حصول الغرض - الذي هو علة للإرادة والبعث - فلو بقيا بعد حصول الغرض يلزم بقاء المعلول بلا علة.
الوجه الثاني: أن الأمر أو البعث لا يكاد يدعو إلا إلى متعلقه، ومحال أن يتعلق البعث بطبيعة من حيث هي هي، ولكن يدعو إلى خصوصية زائدة عليها. فلو أمر المولى بطبيعة فالخصوصيات الفردية خارجة عن دائرة المأمور به، وكلها في عرض واحد في مصداقيتها للطبيعة. فلو كان للأمر أيضا داعوية بعد إتيان مصداق منها فلا يكاد يقف إلى حد، ولو أتى بمصاديق غير متناسية، وهو كما ترى.
فظهر: أنه لا ينبغي الإشكال والخلاف، كما لا إشكال ولا خلاف في أن الإتيان بمتعلق كل أمر يجزي عن التعبد به ثانيا ويكون علة لسقوط أمره.
ولكن وقع الكلام بعد في أنه هل للمكلف تبديل الامتثال بامتثال آخر - بمعنى أنه إذا أتى المكلف بمصداق من الطبيعة هل يمكنه عقلا الإعراض عنه والإتيان بمصداق آخر - مطلقا، أو لا كذلك، أو يفصل بين ما لو كان الإتيان علة تامة لحصول الغرض وعدمه؛ فيجوز في الثاني دون الأول؟
والكلام في تبديل الامتثال يقع تارة في محل نزاع القوم، وأخرى فيما ينبغي أن يبحث فيه؛ فالكلام يقع في موردين:
المورد الأول: في محل نزاع القوم يظهر من بعضهم - منهم المحقق الخراساني (قدس سره) - جواز تبديل الامتثال بامتثال آخر بما أنه امتثال آخر؛ لعقده عنوان البحث في تبديل الامتثال بالامتثال، ولاستدلاله لجواز الامتثال ثانيا ببقاء حقيقة الأمر وروحه؛ بأنه إذا كان إتيان المأمور