ففي قوله تعالى: (أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات) (1) استعملت هيئة الأمر في البعث، لكن لا لغرض البعث، بل للانتقال منه إلى خطأهم في التقول على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أو لتعجيزهم عن الإتيان بمثل القرآن، فتدبر.
إشكال وحل فإن أحطت خبرا بما ذكرنا يرفع عنك إشكال استعمال أدوات التمني والترجي والاستفهام وأمثالها في الكتاب العزيز:
أما الإشكال: وهو أن صدورها من المبادئ التي تكون مستلزمة للجهل والنقص والانفعال ممتنعة عليه تعالى.
وأما الحل: فهو أنه وضعت تلك الحروف لإيقاع الاستفهام والتمني والترجي وغيرها، ولا يلزم على هذا المحالية بالنسبة إليه تعالى؛ لأن المحالية إنما تلزم إذا أريدت منها بالإرادة الجدية، وأما بالنسبة إلى الإرادة الاستعمالية فلا، فتدبر.
وبالجملة: الأدوات الموضوعة لإنشاء تلك المعاني مستعملة فيما وضعت لها لأجل الانتقال إلى معاني أخرى، حسب مناسبة الموارد والمقامات؛ فلا يستلزم الجهل والنقض والانفعال حتى يستحيل في حقه تعالى.
تذنيب: في تضعيف القولين الآخرين في معنى صيغة الأمر وفي قبال ما ذكرنا في معنى صيغة الأمر قولان آخران:
أحدهما: أن صيغة الأمر مستعملة في تلك المعاني على نحو الاشتراك اللفظي، وقد أشرنا أن التبادر على خلاف ذلك.