وحديث الشك في سقوط الغرض بالإتيان بالمجردة عن قصد الأمر كذلك؛ لأن وظيفة المكلف إنما هي الإتيان بما أخذه الآمر موضوعا لأمره، طابق النعل بالنعل؛ سواء علم حصول غرض الآمر بذلك، أم لا.
وبالجملة: كون الأوامر معللة بالأغراض مما لا ينكر؛ لعدم معقولية الجزاف فيها، إلا أنه خارج عن إناطة الامتثال به؛ لأن الامتثال - كما أشرنا - دائر مدار الحجة؛ فإذا لم تقم الحجة على الأزيد من المجردة عن القيد - ولو ببيان مستأنف - لا تضر احتمال عدم حصول الغرض من الإتيان بالمجردة.
وهم وإرشاد وربما يتوهم: أن مراد المحقق الخراساني (قدس سره) عدم جريان قاعدة قبح العقاب بلا بيان في المقام؛ لأنها إنما تجري فيما إذا أمكن للآمر بيان القيد ولم يبين؛ حيث يحكم العقل عند ذاك بالإطلاق. وأما في مورد لا يمكنه أخذ القيد - كما فيما نحن فيه - فيكون خارجا عن موضوع القاعدة.
فلا مجرى للقاعدة هنا، بخلاف مسألة الأقل والأكثر؛ فحيث إنه للآمر بيان الأكثر فيصح التمسك بالقاعدة. فالعقل يحكم بالاشتغال فيما نحن فيه، دون مسألة الأقل والأكثر.
ولكنه يندفع أولا: أن هذا - لو تم - غير بيان الذي تصدى المحقق الخراساني (قدس سره) لبيانه هنا وفي موضع آخر.
وثانيا: أنه لو لم يمكن بيانه بدليل واحد فإمكان بيانه بدليل آخر بمكان من الإمكان؛ فيكون المقام مجرى القاعدة.
وثالثا: أن الاحتجاج إنما يدور مدار البيان فقط لا الواقع المحتمل أيضا، وحيث إنه لا بيان حسب الفرض - ولو لعدم الإمكان، كما لو كان الآمر مسجونا -