بل يمكن أن يقال: إن ذلك يوجب تشديد جزئيتها؛ لأن المكلف إذا توجه إلى أنه لو ترك السورة عمدا لا يمكنه تداركها لا ينقدح في نفسه تركها أصلا، بخلاف ما لو ترك ما يصلح لذلك؛ فإن له تركها عمدا ثم الإتيان بها ثانيا مع المتروك.
ولذا قلنا بعدم استقامة كلام شيخنا العلامة الحائري (قدس سره)؛ حيث قال: بأن حديث لا تعاد لو عم وشمل ترك الجزء عمدا يوجب العطلة والتكاسل عن الصلاة، فتدبر.
ومثل ذلك: الجهر بالقراءة في مورد الإخفات؛ جهلا تقصيريا بالحكم مثلا، أو الإخفات بها في مورد يجب الجهر كذلك؛ فإن من لم يخفت في الصورة الأولى، أو لم يجهر في الصورة الثانية يعاقب عليه، ولكن مع ذلك لا يمكن إعادتها جهرا أو إخفاتا.
فظهر مما ذكرنا: أنه يمكن للمولى أن يتوسل إلى غرضه بأمر مستأنف.
ومجرد إتيان الطبيعة مجردة وإذهاب موضوع أمر الثاني لا تكاد توجب أن لا يتوسل إلى غرضه بالتوعيد والعقوبة على تركه.
ولنا اختيار الشق الثاني، ونقول بعدم السقوط لأجل عدم حصول الغرض.
ولكن لا يخفى: أنه لا يكون ذلك من ضروريات العقل؛ بحيث لا يحتاج إثبات الاشتغال إلى تجشم البيان. كيف، وقد ذهب جمع من المحققين إلى البراءة في ذلك (1)؟!
فعلى هذا: يكون الأمر نظريا، فللشارع أن يرشد عباده إلى ما له دخل في تحصيل غرضه؛ وهو إتيان الطبيعة بقصد الأمر، فيقيد ذلك بالأمر المستأنف؛ دفعا لتوهم البراءة.
فظهر: أنه لا تلازم بين عدم سقوط الأمر، وبين عدم لزوم الأمر بتوهم حكم العقل بالاشتغال، فتدبر واغتنم.