فدعوى القطع بعدم الأمرين في مقام الإثبات غير وجيه.
وثانيا: أن دعوى القطع بالعدم أيضا غير وجيه؛ لأنه إذا فرض أنه في مقام الثبوت لا يحصل غرض المولى بإتيان الطبيعة - كيف اتفقت - بل لابد فيها من قصد أمرها، فلابد له في مقام إثبات من إبراز مقصوده وإلا لأخل بغرضه.
ضرورة: أن الصلاة - مثلا - على كل من مذهب الصحيحي والأعجمي لم توضع للقيود الجائية من قبل الأمر، فإذا فرض استحالة أخذه في المتعلق بأمر واحد فلابد وأن يلتزم بأمر آخر يدل على اعتباره فيها.
وثالثا: أن الإجماع ثابت في بعض الأعمال على أنه لو أتي به بدون قصد القربة يقع باطلا، وهو (قدس سره) أيضا قائل باعتبار قصد الأمر في العبادات؛ فيكشف ذلك عن أن الأمر المتعلق بنفس الطبيعة في ظاهر الدليل لم يكن مرادا بالإرادة الجدية، فلابد من وجود دليل آخر أوجب ذلك.
وليت شعري كيف يدعي القطع بعدم أمر آخر متكفل لذلك، مع عدم إمكان اعتبار القيد بأمر واحد، مع دخالة القيد في تحصيل غرضه؟!
ولا يلزم أن يكون طريق إثباته لفظا، كالسماع من المعصوم (عليه السلام) أو النقل عنه. بل يمكن إثباته من طريق اللب، كالإجماع أو الضرورة أو بناء المتشرعة؛ بحيث يوجب القطع بإرادة ذلك.
وتوهم: اعتبار قصد الأمر في العبادة من باب الاشتغال، كما أشار إليه (قدس سره) في آخر كلامه.
مدفوع: بأنه لو وصلت النوبة إلى الأصل وحكم العقل فلنا أن نقول بالبراءة دون الاشتغال. ولو سلم أن مقتضى القاعدة الاشتغال ولكن لا يكون واضحا لا يحتاج إلى البيان؛ ولذا وقع الخلاف في ذلك؛ فإذن لا يكفي مجرد ذلك مصححا لادعاء القطع بعدم أمر آخر.