وبالجملة: لو لم تكن نفس إتيان الطبيعة محصلة للغرض، بل لابد لحصوله من قصد أمره فإذا لم يكن أخذه في متعلق الأمر بأمر واحد فيكشف ذلك عن اعتباره بأمر آخر، فتدبر.
ورابعا: أنه يمكن لنا اختيار كل واحد من شقي الترديد وإنكار الملازمة.
وذلك لأنه لو اخترنا الشق الأول - وقلنا بأن إتيان الطبيعة مجردة عن قصد الأمر يوجب سقوط الأمر؛ لانتفاء موضوعه - لكنه لا يثبت الامتثال؛ لأن سقوط التكليف كما يكون بامتثاله يكون بفقدان الموضوع أو عصيانه.
مثلا: لو احترق الميت المسلم أو أدركه الغرق قبل الغسل والصلاة عليه سقط الأمر بالغسل والصلاة عليه. وواضح: أن ذلك ليس لأجل الامتثال، بل لفقدان الموضوع الموجب لسقوط الأمر قهرا.
ففيما نحن فيه نقول: إن إتيان الطبيعة مجردة عن قصد الأمر وإن كان يوجب عدم إمكان إتيانها بقصد الأمر لتفويت الموضوع، ولكن للمولى التوسل إلى غرضه بالتوعيد والعقوبة على ترك المأمور به عصيانا.
مثلا: لو قلنا بأن قاعدة لا تعاد (1) تشمل الترك العمدي بالنسبة إلى غير الخمسة المستثناة فغاية ما تدل عليه قاعدة لا تعاد: هي أنه لو ترك الخمسة - كالسورة مثلا - عمدا لا يمكن إعادتها ثانيا، ويعاقب عليه؛ فلا ينافي ذلك الأدلة المثبتة لجزئيتها.