مركبة فلابد من إتيانها حسب ما هو المعهود منها، ولم يكن لكل جزء أو شرط منها أمر يخصه؛ لا نفسا ولا ضمنا، بل المكلف حين اشتغاله بالأجزاء مشغول بإتيان الماهية المركبة.
ففيما نحن فيه: حيث يرى المولى الخبير أن مجرد إتيان أجزاء الصلاة - مثلا كيف اتفق من دون قصد الأمر لها، لم يكن لها مصلحة ولم تكن مقربة، فإذا أمكن تصور المولى الصلاة المتقيدة بقصد أمرها - وقد عرفت أن تصوره بمكان من الإمكان - فيصدق بفائدتها، ثم يريدها كذلك.
ويستحيل - حسب الفرض - تعلق الإرادة على الصلاة المجردة عن قصد الأمر؛ لعدم معقولية الجزاف في الإرادة؛ فيبعث نحو الصلاة المتقيدة بقصد الأمر، ويوقع العبد نحو العمل إيقاعا تعبديا، فتصل النوبة إلى امتثال الأمر.
وللعبد دواعي إلى امتثال أمر مولاه؛ من حبه للجنة، أو خوفه من النار، إلى غير ذلك من الدواعي، فإن أتى العبد بالصلاة بقصد أمرها يصدق امتثال الأمر، بل لا يعقل عدم الصدق؛ فيسقط الأمر المتعلق بها بقصد أمرها.
وبالجملة: إذا رأى المولى أن الصلاة - مثلا - بقصد أمرها فيها الصلاح، فيتصورها ويصدق بفائدتها فيريدها، ثم ينحدر الأمر نحوها كذلك. والعبد بعد تحقق موضوع الإطاعة يأتي بالصلاة بقصد أمرها حسب ما له من مبادئ إيفائها - من خوفه من النار، أو طمعه في الجنة، إلى غير ذلك - فيحصل غرض المولى.
فظهر مما ذكرنا: أنه لا إشكال في أخذ قصد الأمر في متعلق الأمر لو كان الأمر محركا اعتباريا. وأما لو كان له محركية واقعية فظاهر أنه لم يكن له محركية بنحو العلل الخارجية، نظير الحركات والعلل التكوينية، وإلا يلزم أن لا تتحقق العصات في الخارج، وهو كما ترى ولم يدعه أيضا أحد.
فمراد من يقول بأن الأمر محرك واقعي: هو أن تصور فائدة الأمر والتصديق بها