الأصول عند الكلام في الفرق بين الحكم الإلزامي والاقتضائي غير الإلزامي أن كلا من الحكمين بسيط له منشأ انتزاع خاص به، ولا تركيب في أحدهما.
ومن هنا لا مجال لدعوى: أن الامر بالشئ - إذا كان الزاميا - مركب من طلبه مع النهى عن تركه، بحيث يكون النهى المولوي عن ترك الشئ - الذي سبق عنهم التعبير عنه بالضد العام - جزءا من الامر به، فضلا عن أن يكون عينه، كما قد يدعى في المقام.
نعم، اقتضاء الامر بالشئ لفعله مستلزم لاقتضائه عدم تركه، للتلازم بينهما، والمقتضى لاحد المتلازمين مقتض للاخر. ومرجع ذلك إلى أن عدم الترك مما يقتضيه الامر في مقام الامتثال ويدعو إليه عقلا، لا أن الترك مورد لنهى متحد مع الامر بالشئ أو جزء منه، ولذا لا يفرق في الاقتضاء المذكور بين الامر الارشادي والمولوي الإلزامي وغيره. غايته أن نحو الاقتضاء من حيثية المولوية والالزام يختلف باختلاف الامر في الجهة المذكورة.
كما ظهر مما ذكرنا أنه لا مجال لدعوى ملازمة الامر بالشئ للنهي عن تركه، لان الغرض من النهى لما كان هو الداعوية لعدم الترك فالداعوية المذكورة حاصلة بنفس الامر، كما سبق، فيكون النهى معه خاليا عن الأثر ولاغيا، لعدم دخله في ترتب الغرض المطلوب، بل يترتب بدونه.
ومن هنا لا مجال لدعوى اقتضاء الامر بالشئ النهى عن ضده العام - وهو الترك - بشئ من الوجوه المتقدمة، وان استوضحها جماعة.
نعم، حيث كان الامر بالشئ مقتضيا عملا لفعله وعدم تركه كما تقدم يكون الترك مخالفة للامر، فإذا كان الامر مولويا الزاميا كان الترك معصية للمولى وتمردا عليه، فلا يمكن التقرب به، بل يبطل إذا كان عبادة وان لم يكن منهيا عنه شرعا، فإذا وجب الاكل في نهار شهر رمضان مثلا لخوف ظالم ونحوه فعصى المكلف بتركه، امتنع منه التقرب بالصوم الذي هو عبارة عن ترك المفطرات