وأيضا، لا يأبى العقل أن يقول الامر الحكيم أريد الحج وأريد المسير الذي يتوصل به إلى فعل الحج له (كذا) دون ما لا يتوصل به إليه وان كان من شأنه أن يتوصل به إليه، بل الضرورة قاضية بجواز التصريح بمثل ذلك، كما أنها قاضية بقبح التصريح بعدم مطلوبيتها له مطلقا أو على تقدير عدم التوصل بها إليه، وذلك آية عدم الملازمة بين وجوب الفعل ووجوب مقدمته على تقدير عدم التوصل بها إليه.
وأيضا، حيث إن المطلوب بالمقدمة مجرد التوصل بها إلى الواجب وحصوله، فلا جرم يكون التوصل إليه وحصوله معتبرا في مطلوبيتها، فلا تكون مطلوبة إذا انفكت عنه، وصريح الوجدان قاض بأن من يريد شيئا لمجرد حصول شئ آخر لا يريده إذا وقع مجردا عنه، ويلزم أن يكون وقوعه على الوجه المطلوب منوطا بحصوله).
ولا يخفى أن مرجع الوجهين الأولين إلى دعوى الوجدان التي يسهل على الخصم انكارها، كما أنكرها في المقام، فلا ينبغي إطالة الكلام فيها، وان كان على حق فيهما.
فالعمدة الوجه الأخير المبنى على ما هو المعلوم من تبعية الواجب للغرض سعة وضيقا.
وقد أجاب عنه المحقق الخراساني قدس سره: بأن الغرض من وجوب المقدمة ليس هو التوصل لذي المقدمة، لما هو المعلوم من أن الغرض الداعي لايجاب الشئ هو ما يكون معلولا بوجوده الخارجي للواجب ومترتبا عليه، ومن الظاهر أن ذا المقدمة لا يترتب على المقدمة بنفسها، بل يتوقف على مقدماته الأخرى، ومنها اختيار المكلف له.
الا أن تكون المقدمة تسبيبية توليدية، والمفروض عدم اختصاص الوجوب الغيري - وكذا الداعوية التبعية - بها، فلابد من كون الغرض من وجوب