واحتج على مذهبه بقوله (ع) (لا صلاة الا بطهور) إذ لو كان الاستثناء من النفي اثباتا، للزم كفاية الطهور في صدق الصلاة، وان كانت فاقدة لباقي الشرائط.
وفيه (أولا) أن الملحوظ في القضية هو المركب المشتمل على تمام ما اعتبر فيه، سوى الطهور [209]، ونفيت حقيقة الصلاة أو هي بقيد التمام عنه، إلا في مورد تحقق الطهور. و (ثانيا) أنه على فرض التجوز في مثل التركيب المزبور لا يضرنا، بعد شهادة الوجدان القطعي على ما ادعيناه.
ومما استدل به على ما ذكرنا من المعنى قبول رسول الله صلى الله عليه وآله اسلام من قال كلمة (لا إله إلا الله) إذ لو لم يدل الاستثناء من النفي على الاثبات في المستثنى، لما كانت هذه الكلمة بمدلولها دالة على الاعتراف بوجود الباري عز شانه. والقول - بان هذه الدلالة في كل مورد كانت مستندة إلى قرينة خاصة - بعيد غاية البعد، بل المقطوع به خلافه، كالقطع بخلاف أن هذه الكلمة كانت سببا لقبول الاسلام شرعا، مع قطع النظر عن مدلولها.
هذا وهذا الاستدلال، وان كان حسنا، لكن لا يحتاج إليه بعد
____________________
[209] وذلك لظهور القضية في أن الصلاة غير الطهور، وبه تتحقق، لمكان الباء، فلا محالة يكون المقصود نفي الحقيقة عن جميع الاجزاء والشرائط بلا تحقق الطهور وإرادة الطهور من الصلاة واطلاقها - عليه تجوزا لبيان أهمية الطهور على فرض صحته في مقامه - لا يصح في المقام، لمكان الباء، كما هو واضح.