ولكن لو طبق تلك الحركة الخروجية على عبادة كأن صلى في تلك الحالة نافلة، بحيث لا يستلزم غصبا زائدا على المقدار المضطر إليه، أو صلى المكتوبة كذلك في ضيق الوقت، كانت تلك العبادة صحيحة، لما ذكرنا من الوجه، وهو عدم قابلية الجهة الغير المؤثرة في نفس المريد، للمزاحمة مع الجهة المؤثرة.
فان قلت: هب صحة الامر التوصلي في أمثال المقام، ولكن نمنع صحة الامر التعبدي. والسر في ذلك أن الغرض في الأوامر التوصلية وقوع الفعل في الخارج كيف ما كان، لترتب الغرض عليه، وان اتحد مع مبغوض آخر. وأما الغرض في التعبديات، فليس كذلك، بل الغرض وقوع العبادة على وجه يحصل به القرب، ولا يحصل القرب بما هو مبغوض فعلا، لأنه موجب لاستحقاق العقوبة والبعد عن ساحة المولى.
قلت: بعد وجود جهة القرب في الفعل - كما هو المفروض، وعدم مزاحمة شئ للامر كما عرفت - لا وقع لهذا الاشكال، لأنه لا نعنى بالقرب المعتبر في العبادات الا صيرورة العبد بتلك العبادة ذا مرتبة لم تكن له على تقدير عدمها، ولا إشكال في أن العبد - بعد اضطراره إلى
____________________
يمكنه الخروج إلى آخر عمره، والظاهر أنهم لا يلتزمون بذلك، بل وكذلك من وقع بغير اختيار، لان المانع من الامر ملاك النهي، وهو لا يرتفع بالمعذورية، فيرد على هذا القائل عدم الوجه للتفصيل.