ومن هنا يتضح عدم تحقق المانع العقلي في مثل هذين الامرين، لان المانع كما عرفت ليس الا لزوم التكليف بما لا يطاق، لان ذلك إنما يلزم من الخطابين لو كانا بحيث يلزم من امتثال كل منهما معصية الآخر.
وقد عرفت أنه لا يلزم منهما فيما نحن فيه ذلك، لان المكلف لو امتثل الامر بالأهم لم يعص الامر الآخر الذي تتعلق بالمهم، إنما ترتب على هذا الامتثال انتفاء ما كان شرطا للامر بالمهم. وقد عرفت أن عدم اتيان الواجب المشروط بترك شرطه ليس مخالفة للواجب.
والحاصل أنه لا يقتضى وجود الخطابين بعث المكلف على الجمع بين الضدين ومما يدلك على هذا أنه لو فرضنا محالا صدور الضدين من المكلف، لم يقع كلاهما على صفة المطلوبية، [148] بل المطلوب هو الأهم لا غير، لعدم تحقق ما هو شرط لوجوب المهم.
(فان قلت): سلمنا إمكان الامر بالضدين على النحو الذي فرضته، ولكن بم يستدل على الوقوع فيما إذا وجبت الإزالة عن المسجد
____________________
[148] بل لو فرضنا محالا صدور الضدين مع ترك الأهم أيضا، لم يقع كلاهما على صفة المحبوبية، لان إطاعة الأهم إن حصلت بذلك، فلم يكن شرط المهم موجودا، والا فلم يؤثر الأهم في لحاظ عصيانه.