لما ذكرناه مرارا من أن التنجيز منوط بتعارض الأصول في أطراف العلم الاجمالي وتساقطها، وفي المقام كذلك، فان العلم الاجمالي بثبوت التكليف في الطرف غير المضطر إليه في جميع الأزمان أو في الطرف المضطر إليه إلى حدوث الاضطرار موجود، وحيث أن التكليف المحتمل في أحد الطرفين على تقدير ثبوته، انما هو في جميع الأزمان، وفي الطرف الآخر على تقدير ثبوته إلى حدوث الاضطرار، فلا محالة يقع التعارض بين جريان الأصل في أحدهما بالنسبة إلى جميع الأزمان، وبين جريانه في الطرف الآخر بالنسبة إلى حدوث الاضطرار وبعد تساقطهما كان العلم الاجمالي منجزا للتكليف، فانتهاء التكليف في أحد الطرفين بانتهاء أمده لأجل الاضطرار لا يوجب جريان الأصل في الطرف الآخر.
وأما ما ذكره صاحب الكفاية (ره) في المتن من أن التنجيز دائر مدار المنجز، وهو العلم حدوثا وبقاء إلى آخر ما تقدم ذكره، فهو صحيح من حيث الكبرى، إذ لا إشكال في أن التنجيز دائر مدار العلم بالتكليف حدوثا وبقاء، ولكنه غير تام من حيث الصغرى من أنه لا يبقى علم بالتكليف بعد حدوث الاضطرار، وذلك لأن العلم الاجمالي بالتكليف باق بحاله حتى بعد حدوث الاضطرار فإنه يعلم إجمالا ولو بعد الاضطرار بأن التكليف اما ثابت في هذا الطرف إلى آخر الأزمان، أو في الطرف الآخر إلى حدوث الاضطرار فلا وجه لدعوى تبدل العلم بالشك انما يكون فيما إذا زال العلم بطرو الشك الساري، بلا فرق في ذلك بين العلم التفصيلي والعلم الاجمالي، كما إذا علمنا تفصيلا بنجاسة هذا الماء المعين، ثم زال العلم وطرأ الشك الساري في نجاسة وكذا إذا علمنا إجمالا بنجاسة الماءين، ثم طرأ الشك الساري في نجاسة أحدهما واحتملنا طهارة كليهما. وهذا بخلاف المقام، فان العلم الاجمالي باق بحاله، إنما المرتفع بالاضطرار هو المعلوم لا العلم به، فان التكليف المعلوم بالاجمال على