المتوجهين إلى مكلف واحد بنحو الترتب ليسا خطابا واحدا متعلقا بالجمع بين متعلقيهما كي يقابل عصيان المجموع بطاعته فيكون عدم القدرة على امتثالهما معا موجبا لكون العقاب على تركهما عقابا على غير المقدور بل إن كل واحد من الخطابين أجنبي عن الاخر والمكلف قادر على امتثاله في ظرف تعلقه به فيوجب عصيانه استحقاق العقاب عليه (فان قلت) سلمنا امكان الخطاب الترتبي واستحقاق عقابين على تقدير عصيانهما لكن الامكان أعم من الوقوع وما لم يكن هناك دليل عليه لا يمكن الالتزام به (قلت) أولا ان المطالبة بالدليل انما تحسن في باب تعارض الدليلين الحاكيين عن الواقع ومقام الثبوت فإنك قد عرفت انه بناء على الطريقية كما هو مقتضى التحقيق لابد من الالتزام بالتساقط وحينئذ فمجرد احتمال المطلوبية لا يكفي في مشروعية العبادة وهذا بخلاف باب التزاحم كما في المقام فان القدر المتيقن في السقوط حينئذ في مقام الفعلية هو اطلاق وجوب المهم لا نفسه فلا حاجة في اثبات كو أنه مأمورا به في ظرف عصيان الامر بالأهم إلى أزيد من اطلاق دليله في مقام جعله وانشائه لحال عصيان الامر بالأهم فإنه على الفرض مقدور في هذا الحال ولا مانع من تعلق الامر به فيشمله اطلاق الدليل لا محالة وثانيا ان العقل بعد ما ثبت كون ملاك المهم في ظرف المزاحمة تاما من جهة عدم اخذ القدرة في لسان الدليل شرطا لخطابه كما أوضحناه سابقا يستقل بكونه مأمورا به في حال عصيان الامر بالأهم إذ المفروض انه واجد للملاك التام ولا مانع من تعلق الخطاب به فيستكشف العقل بطريق اللم كونه مأمورا به لا محالة نعم إذا كانت القدرة مأخوذة في لسان الدليل شرطا لم يمكن استكشاف الملاك حال المزاحمة بل كان مقتضى القاعدة حينئذ هو سقوط خطابه رأسا فيفتقر الالتزام بالخطاب الترتبي حينئذ إلى خصوص دليل يدل عليه ويأتي لذلك مزيد توضيح انشاء الله تعالى وينبغي التنبيه على أمور (الأول) انه قد أشرنا إلى أن الخطاب المترتب على عصيان خطاب الأهم يتوقف على كون متعلقه حال المزاحمة واجدا للملاك وقد بينا ان الكاشف عن ذلك هو اطلاق المتعلق فإذا كان المتعلق مقيدا بالقدرة شرعا سواء كان التقييد مستفادا من القرينة المتصلة أم من المنفصلة لم يبق للخطاب بالمهم محل أصلا و منه يظهر انه لا يمكن تصحيح الوضوء في موارد الامر بالتيمم بالملاك أو بالخطاب الترتبي
(٣٠٩)