صحة الاستعمال في القضايا الحقيقية لا يبقى لاحتمال الاختصاص بالمشافهين وجه أصلا فصل إذا عقب العام بضمير يرجع إلى بعض افراده فلا محالة يدور الامر بين التصرف في ناحية العام بتخصيصه والتصرف في ناحية الضمير بالالتزام بالاستخدام فيه وهذا كما في قوله تعالى والمطلقات يتربصن بأنفسهن إلى قوله تعالى وبعولتهن أحق بردهن حيث إن كلمة المطلقات تعم الرجعيات وغيرها وان المراد بالضمير في قوله تعالى وبعولتهن انما هو خصوص الرجعيات فيدور الامر بين تخصيص المطلقات بالرجعيات والالتزام بالاستخدام في ناحية الضمير وقد اختلفت كلمات الاعلام في المقام فمنهن من قال بتقدم أصالة العموم فالتزم بالثاني ومنهم من قال بتقدم أصالة عدم الاستخدام فالتزم بالتخصيص ومنهم من قال بعدم جريان أصالة عدم الاستخدام وعدم جريان أصالة العموم اما عدم جريان أصالة عدم الاستخدام فلاختصاص مورد جريانها بما إذا كان الشك في المراد فلا تجرى فيما إذا شك في كيفية الإرادة مع القطع بنفس المراد كما هو الحال في جميع الأصول اللفظية واما عدم جريان أصالة العموم فلاكتناف الكلام بما يصلح للقرينة فيسقط كلا الأصلين عن درجة الاعتبار والتحقيق (1) ان يقال بجريان أصالة العموم وعدم جريان أصالة عدم الاستخدام من وجوه (الأول) ان لزوم الاستخدام في ناحية الضمير كأن يراد بالمطلقات في الآية المباركة معناها العام وبالضمير الراجع إليها خصوص الرجعيات منها انما يبتنى على أن يكون العام المخصص مجازا لأنه على ذلك يكون للعام معنيان أحدهما معنى حقيقي وهو جميع ما يصلح ان ينطبق عليه مدخول أداة العموم وثانيهما معنى مجازى وهو الباقي من افراده بعد تخصيصه فإذا أريد بالعام معناه الحقيقي وبالضمير الراجع إليه معناه المجازى لزم الاستخدام واما إذا قلنا بان تخصيص العام لا يستلزم كونه مجازا كما هو الصحيح
(٤٩٢)