بخلاف التزاحم في الملاكات باعتبار تأثيرها في حكم الحاكم فان المناط فيه هو علم الامر وجهله بها بلا دخل لعلم المكلف وجهله بها أصلا فإذا كان المولى جاهلا بمفسدة الغصب أو جاهلا بامكان اجتماع الغصب مع الصلاة في مورد ما فلا محالة يأمر بالصلاة مطلقا ولو كانت مفسدة الغصب في الواقع غالبة على مصلحة الصلاة فيتوقف التزاحم في مقام تأثير الملاك في الحكم على علم الامر بوجود المصلحة مطلقا وبوجود المفسدة كذلك وبجواز اجتماع العنوانين في بعض الموارد سواء كان المأمور عالما بالملاك أم لم يكن عالما به وعليه فإذا كان أحد الملاكين أرجح من الاخر في نظر الامر كان التأثير له لا محالة وكان الحكم في مورد الاجتماع على طبقه فيخرج المجمع بذلك عن حيز الحكم الاخر رأسا إذ المفروض غلبة أرجح الملاكين على الاخر في مقام التأثير في نظر الامر فلا يوجب جهل المكلف بالملاك الغالب مع فرضه كونه هو المؤثر في نظر الامر دخول المجمع تحت الحكم الاخر بعد خروجه عنه واقعا وبالجملة تعدية حكم التزاحم في مقام الامتثال بعد تمامية الحكمين في حد ذاتهما إلى التزاحم في مقام تأثير الملاكات في الاحكام ناشئة من الغفلة عن الفرق بين التزاحمين و (اما ثالثا) فلان البيان المذكور يستلزم جواز الامتثال بالمجمع عند جهل المكلف بالملاك الأقوى في جميع موارد التعارض بالعموم والخصوص من وجه مع أنه لا يلتزم به أحد مثال ذلك إذا أمر المولى باكرام العالم ونهى عن اكرام الفاسق وفرضنا ان المجمع مشتمل على ملاك الوجوب والحرمة وان الأقوى هو ملاك الحرمة فإذا جهل المكلف كون زيد العالم فاسقا وأكرمه كان لازم البيان المذكور هو الالتزام بتحقق امتثال الواجب باكرامه مع أنه باطل قطعا ولا يلتزم به ففيه ابدا الثاني ان جماعة من القائلين بجواز اجتماع الامر والنهى قد استدلوا عليه بوقوعه في الشريفة المقدسة كما في موارد العبادات المكروهة وهذا الاستدلال وان لم يكن في محله كما سيظهر ذلك في طي البحث انشاء الله تعالى الا أنه لا بأس بتوضيح الحال في تصوير كيفية الكراهة في العبادة لما أشكل الامر فيها على كثير من الاعلام فنقول الكراهة في العبادة على ثلاثة أقسام فان النسبة بين المأمور به والمنهى عنه بالنهي التنزيهي اما أن تكون على نحو العموم والخصوص من وجه أو على نحو العموم والخصوص المطلق وعلى الثاني فاما أن تكون العبادة المكروهة مما لها بدل أو لا يكون لها بدل فهذه ثلاثة
(٣٦١)