الأخيرة ومن ذهب إلى رجوعه إلى الجميع فقد نظر إلى الجمل التي لم يذكر عقد الوضع فيها الا في صدر الكلام فيكون النزاع في الحقيقة لفظيا فصل إذا تعارض العموم والمفهوم ففي تقديم المفهوم عليه وعد مه خلاف وقبل الخوض في تحقيق ذلك لابد من تمهيد مقدمة وهى ان المفهوم ينقسم إلى المفهوم الموافق و المفهوم المخالف والمراد بالأول هو ما إذا توافق المفهوم والمنطوق في الايجاب أو السلب كما أن المراد بالثاني هو ما إذا تخالف المفهوم والمنطوق في ذلك ثم إن المفهوم الموافق يكون على نحو الأولوية تارة على نحو المساواة أخرى (والأول) انما يتحقق فيما إذا كانت الأولوية من المدركات العقلية واما إذا كانت عرفية كما في قوله تعالى ولا تقل لهما اف الدال على حرمة ضرب الوالدين مثلا بالدلالة العرفية فالمدلول خارج عن المفهوم وداخل (1) في المداليل اللفظية العرفية (واما الثاني) فهو يتحقق غالبا فيما إذا كانت علة الحكم منصوصة ونعني به ما إذا كانت العلة المذكورة فيه واسطة في العروض لثبوت الحكم للموضوع المذكورة في القضية بان يكون الموضوع الحقيقي هو العنوان المذكور في التعليل ويكون ثبوته للموضوع المذكور من جهة انطباق ذلك العنوان عليه كما في قضية لا تشرب الخمر فإنه مسكر فإنها ظاهرة في أن موضوع الحرمة فيها انما هو عنوان المسكر وحرمة الخمر انما هي من جهة انطباق ذلك العنوان عليه فيسرى الحكم حينئذ إلى كل مسكر فلا تبقى للخمر خصوصية في الحكم المذكور في القضية واما إذا كانت العلة المذكورة في القضية واسطة في الثبوت ومن قبيل دواعي جعل الحكم على موضوعه من دون أن تكون هو الموضوع في الحقيقة كما في قضية لا تشرب الخمر لإسكاره فإنها ظاهرة في أن موضوع الحرمة فيها انما هو نفس الخمر غاية الأمران الداعي إلى جعل الحرمة عليها انما هو اسكارها فلا يسرى الحكم إلى غير الموضوع المذكور في القضية مما يشترك معه في العلة المذكورة
(٤٩٨)