التشريعيات فحيث ان التشريع بتمام انحائه بيد الشارع فكما يمكنه ايجاد الوجوب فعلا يمكنه ايجاد الوجوب على موضوع فيما بعد أيضا وبعبارة أخرى ان الزمان وإن كان بنفسه تدريجيا والجزء اللاحق غير موجود في عرض الجزء السابق الا أن تمام اجزائه بالإضافة إلى الشارع موجودة في عالم التشريع فيمكنه ايجاد الحكم وجعله على الجزء الأول أو الوسط أو الأخير وتمام ذلك في عالم التشريع على نحو واحد بلا قصور في تشريعه وكذا لك باب الوصية فان مالك العين الذي بيده الامر له أن يجعل ملكيتها الفعلية أو ملكيتها بعد موته أو ملكيتها بعد حين لمن يريد جعلها له فان جميعها بالإضافة إليه في عالم انشائه وجعله على حد سواء وقيام الاجماع على بطلان تعليق المنشأ على غير الموت في الوصية بل على بطلان مطلق التعليق في غيرها وعدم تأثيره أجنبي عما نحن بصدده من امكان التعليق في المنشأ ممن بيده الامر والاختيار نعم التعليق في الانشاء لكونه فعلا اختياريا آني الحصول غير معقول والكلام انما هو في تعليق المنشأ لا في تعليق الانشاء وبالجملة انفكاك المنشأ عن الانشاء بالكيفية التي أنشأه عليها من بيده الامر والاختيار غير معقول ولا يلتزم به وعليه يترتب بطلان الشرط المتأخر واما انفكاكه عنه زمانا وتأخره إلى زمان وجود موضوعه فهو مما لا بد منه ولا استحالة فيه أصلا بل المستحيل خلافه بل ربما لا يكون عند وجود موضوعه فعليا أيضا كما إذا كان الانشاء من غير من بيده الامر والاختيار (فان قلت) كيف أنكرتم الواجب المعلق والوجوب المشروط بالشرط المتأخر مع أنه لا اشكال في أن الصوم عمل واحد له وجوب واحد و لازم ذلك هو الالتزام بالشرط المتأخر والواجب المعلق (بيان ذلك) ان وجوب الامساك في أول الفجر مشروط ببقاء شرائط التكليف إلى آخر الوقت لا محالة وبانتفاء شرط التكليف في جزء من الزمان ولو كان هو الجزء الأخير يستكشف عدم التكليف بالامساك بما انه صوم من أول الوقت فالتكليف بالامساك في أول الوقت مشروط بشرط متأخر وهو بقاء شرائط التكليف إلى الغروب كما أن الجزء الأخير من الامساك مطلوب من أول الوقت لفرض وحدة الطلب والمطلوب وهذا عين الالتزام بالواجب التعليقي وكون الوجوب فعليا والواجب استقباليا ومنه يظهر حال الصلاة أول وقتها وجوبها أول الوقت أيضا مشروط بشرط متأخر وهو بقاء شروطها إلى مقدار أربع ركعات بعد الوقت
(١٤٥)