أجود التقريرات - تقرير بحث النائيني ، للسيد الخوئي - ج ١ - الصفحة ١٢٩
ثم أن ما ذكرناه من أن الحكم في القضية الحقيقية لا يكون فعليا الا عند وجود موضوعه في الخارج لا يفرق فيه بين القضايا الشرطية والحملية لكون الحكم في القضية الحملية أيضا مشروطا بوجود الموضوع غاية الأمر أن الاشتراط في إحديهما مدلول مطابقي وفى الأخرى ضمني تبعي الأمر الثاني في رجوع القيد في القضية الشرطية بحسب القواعد العربية إلى الهية أو المادة أو الجملة المركبة منهما (والتحقيق) (1) أن يقال أن كلا منها وإن كان يرجع
١ - التحقيق ان يقال إنه بعد ما ظهر من أن حقيقة الانشاء انما هو ابراز أمر نفساني الذي هو في موارد الجمل الطلبية عبارة عن اعتبار كون الفعل على ذمة المكلف وليس في موارد الانشاء من ايجاد المعنى باللفظ عين ولا اثر وبعد وضوح ان في موارد الجمل الشرطية لا معنى لرجوع القيد إلى نفس المادة ضرورة ان استعمال قضية إذا توضأت فصل في مقام طلب الصلاة المقيدة بالطهارة بعد من الأغلاط وبعد ما ستعرف من أن ارجاع القيد إلى المادة المنتسبة لا محصل له لا مناص من رجوع القيد في القضايا الشرطية إلى ما هو المستفاد من الهيئة وهو اعتبار كون الفعل على ذمة المكلف (بيان ذلك) ان الاعتبار النفساني قد يتعلق بكون شئ على ذمة المكلف على الاطلاق وقد يتعلق به على تقدير دون تقدير والمبرز لاطلاقه وتقييده في مقام الثبوت هو اطلاق الخطاب وتقييده في مقام الاثبات وعلى ذلك فالفرق بين الواجب المشروط والمطلق هو الفرق بين بابى الوصية والإجارة فان الانشاء في كليهما وإن كان فعليا الا ان المعتبر في باب الوصية هي الملكية على تقدير الموت بخلاف باب الإجارة فان المعتبر فيه هي الملكية المطلقة غير المعلقة على شئ ولو كانت المنفعة متأخرة أيضا وعمدة ما اورد على هذا الفرق وجوه لابد لنا من التعرض لها وبيان فسادها (الأول) ان مفاد الهيئة بما انه معنى حرفي والمعاني الحرفية جزئية فهو غير قابل للاطلاق والتقييد (ويرده) ان عدم كون الجزئي قابلا للتقييد بمعنى التضييق لا يستلزم عدم قبوله للقييد السابق للتعليق على شئ والمدعى في المقام هو الثاني دون الأول مضافا إلى ما عرفت في محله من بطلان دعوى كون المعاني الحرفية جزئيات حقيقية (الثاني) ما أفيد في المتن من أن مفاد الهيئة بما انه حرفي وملحوظ آلى فهو غير قابل للاطلاق والتقييد فإنهما من شؤون المفاهيم الاستقلالية (ويرده) أولا ان كون المعنى الحرفي ملحوظا آليا انما يمنع عن تقييده حال لحاظه كذلك واما لحاظ المعنى في نفسه أولا مقيدا بقيد ثم لحاظ المقيد آليا في مقام الاستعمال فلا مانع عنه أصلا وثانيا ان المعنى الحرفي كما عرفت في محله انما يمتاز عن المعنى الأسمى بنفس ذاته والا فهو يشترك مع المعنى الأسمى في تعلق اللحاظ الاستقلالي به (الثالث) ان ايجاب المولى المساوق لايجاده الوجوب انما يتحقق بنفس الانشاء ضرورة انه لا يوجد بعد ذلك ايجاب آخر منه وعليه فان وجد الوجوب أيضا حال الايجاب فلا مناص عن ارجاع القيد إلى المادة وان لم يوجد حينه وتوقف وجوده على فعلية القيد ووجوده فقد تخلف الايجاد عن الوجود وهو محال ضرورة انهما واحد بالحقيقة ومختلفان بالاعتبار فالموجود في أي وعاء مناسب له وجود باعتبار وإيجاد باعتبار آخر (ويرده) ان الايجاب ان أريد به ابراز المولى لاعتباره النفساني فالابراز والبروز والمبرز كلها فعلية من دون أن يكون شئ منها متوقفا على حصول أمر في الخارج وان أريد به الاعتبار النفساني فبما انه من الصفات ذات الإضافة كالعلم والشوق ونحوهما فلا مانع من تعلقه بأمر متأخر فكما انه يمكن اعتبار الملكية أو الوجوب الفعليين يمكن اعتبار الملكية أو الوجوب على تقدير وأين هذا من تخلف الايجاد عن الوجود وغير خفى ان أساس هذه الاشكال مبنى على تخيل ان الجمل الانشائية موجدة لمعانيها في نفس الامر مع الغفلة عما حققناه من أنه لا يوجد بها شئ أصلا وانما هي مبرزات للأمور القائمة بالنفس الممكن تعلقها بأمر متأخر ولاجله ذكرنا في محله ان بطلان التعليق في العقود والايقاعات انما هو من جهة الاجماع ولو قطع النظر عنه لما كان مانع عن التعليق أصلا فتحصل انه لا مانع في مقام الاثبات عن رجوع القيد في القضية الشرطية إلى نفس مفاد الهيئة كما هو ظاهرها بل صريحها واما ما توهم كونه مانعا عنه في مقام الثبوت فسيجيئ الكلام فيه انشاء الله تعالى