الجزء الثاني من أجود التقريرات (في بيان دلا له النهى عن العبادة أو المعاملة على فساد المنهى عنه وعدمها) وقبل الخوض في ذلك لا بد لنا من تمهيد مقدمات (الأولى) الفرق بين هذه المسألة ومسألة اجتماع الامر والنهى هو ان محط البحث في المسألة السابقة كما عرفت انما هو ان متعلق الأمر والنهى في مورد الاجتماع هل هو هوية واحدة والتركيب بينهما إتحادي ليكون الدليلان الدالان على الوجوب والحرمة متعارضين أو انهما هويتان وان أحدهما غير الاخر وجودا ليكون التركيب انضماميا ولا يقع التعارض بين دليلي حكميهما وبعبارة أخرى النزاع في تلك المسألة انما هو في أن العبادة المجتمعة نحو اجتماع مع المنهى عنه هل يسرى إليها النهى المتعلق بما هو مجتمع معها بدعوى ان التركيب بينهما إتحادي أو انه لا يسرى إليها لكون التركيب بينهما انضماميا وكون متعلق النهى مغايرا لمتعلق الامر في الخارج واما النزاع في المقام فهو في أن النهى بعد الفراغ عن تعلقه بعبادة أو معاملة هل يدل على فسادها أو انه لا يستلزم فساد ما تعلق به منها فالفرق بين المسئلتين في غاية الوضوح (ثم) ان هذه المسألة من المسائل الأصولية قطعا فان نتيجة البحث كبرى كلية إذا انضمت إليه صغراها أنتجت نتيجة فقهية بلا توسط شئ اخر وهذا بخلاف المسألة السابقة فإنك قد عرفت (1) ان نتيجتها لا تقع في طريق الاستنباط بلا واسطة (ولا يخفى) ان هذه المسألة من المسائل الاستلزامية العقلية ولا ربط لها بمباحث الألفاظ أصلا لوضوح ان غاية ما يدل عليه النهى باللزوم البين بالمعنى الأعم انما هو عدم الامر بمتعلقه لتضاد هما واما عدم تحقق الملاك فيه ليحكم العقل بفساده فليس اللفظ دالا عليه قطعا والسر في ذكر المسألة في مباحث الألفاظ انما هو ان الأصوليين لم يعقدوا عنوانا
(٣٨٥)