كغسل الثوب وأمثاله من مقدمات الصلاة فهي من جهة وقوعها عبادة موجبة للتقرب بها تدخل في محل النزاع فعلى القول بدلالة النهى على الفساد لا تصح عبادة مع النهى عنها واما من جهة اثارها الوضعية المترتبة عليها ولو لم تقع عبادة كطهارة الثوب المترتبة على غسله بالماء فلا يدل النهى عنها على فسادها قطعا كما لا اشكال في دخول المعاملة بالمعنى الأعم من العقود والايقاعات في محل النزاع إذ لا موجب لاختصاصه بالمعاملة بالمعنى الأخص المتوقفة على الايجاب والقبول كما هو ظاهر واما المعاملة بالمعنى الأعم الشاملة للتحجير والحيازة وأمثالهما فلم يتوهم أحد دلالة النهى فيها على الفساد وعليه فالمراد من المعاملة في محل البحث هو كل أمر انشائي يتسبب به إلى أمر اعتباري شرعي فيكون شاملا للعقود والايقاعات المقدمة الرابعة: ان التقابل بين الصحة والفساد ليس من قبيل تقابل الايجاب والسلب بداهة ان تقابل الايجاب والسلب يختص بالعدم والوجود المحمولين اللذين يمتنع خلو ماهية من الماهيات من الاتصاف بأحدهما ومن الواضح ان الصحة والفساد ليسا كذلك بل يحتاج صدقهما في الخارج إلى فرض محل قابل لهما ولكنه وقع الكلام في أن الفساد أمر عدمي ليكون التقابل بينهما من تقابل العدم والملكة أو انه أمر وجودي كنفس الصحة ليكون التقابل بينهما من قبيل تقابل التضاد (والظاهر) هو الأول وذلك لان اتصاف عبادة أو غيرها بالفساد لا يحتاج إلى علة مقتضية له في الخارج بل يكفي في تحققه انتفاء شئ مما اعتبر في صحة تلك العبادة أو غيرها فلا يكون الفساد أمرا وجوديا ثم إن الصحة قد تقابل بالفساد فيراد به اختلال الشيئ من جهة اجزائه أو شرائطه المقومة له المستلزم لعدم ترتب الأثر عليه بالمرة وقد تقابل بالعيب فيراد به اختلال الشيئ من جهة اجزائه أو شرائطه الكمالية غير الدخيلة في قوامه المستلزم لعدم ترتب الأثر عليه على النحو الكامل اما ما يقابل الصحة بالمعنى الثاني فلا كلام لنا فيه في المقام واما ما يقابلها بالمعنى الأول أعني الفساد فهو قد يكون في الأمور الخارجية وقد يكون في الأمور الشرعية لا كلام لنا على الأول وانما الكلام في دلالة النهى على الفساد وعدم دلالته عليه في القسم الثاني أعني به الأمور الشرعية من عبادة أو معاملة (ثم لا يخفى) ان معروض الصحة والفساد لا يمكن أن يكون هي الأمور البسيطة من جميع الجهات ولا الأمور المركبة التي اعتبرت موضوعا للتكليف بل هما يتصفان بالوجود أو العدم
(٣٨٨)